الجواهر المضيئة في تراجم بعض رجال الزيدية،

عبدالله بن الحسن القاسمي (المتوفى: 1375 هـ)

الحسين بن محمد الجيلاني

صفحة 223 - الجزء 1

  وعنه جماعة (من علماء العصر)⁣(⁣١) منهم ولده السيد النبيه، العلامة، المحقق حسن بن حسين فإنه تخرج على أبيه، واغترف من بحره.

  هو الآن مدرس العصر (بجامع ضحيان)، وكان والدنا الشرفي عالماً، محققاً، جواداً، ورعاً، طلق الوجه، رحب الصدر لم يعاب⁣(⁣٢) عليه إلا رده لدعوة الإمام الهادي، بس بس ودعا الناس إلى خذلانه حتى كان ما كان.

  حدثني والدي أمير المؤمنين: أنه رأى في النوم الوالد الشرفي بعد وفاته متضرع إليه ويود في أن يسامحه فأجاب عليه في النوم بما معناه: الله يسامحك إلا في مسألة الإمامة فالحكم إلى الله، إن يعفو عنك فبكرمه، وإن يؤاخذك فبعدله. انتهى⁣(⁣٣).

  توفى في ربيع أول سنة تسع وعشرين وثلاءءثمائة وألف وقبره بمقبرة (هجرة ضحيان) مشهور مزور.

[(٢٧٦/ ٢٧) الحسين بن محمد الجيلاني]⁣(⁣٤)

  (... - ... هـ/ ... - ... م)

  الحسين بن محمد بن صالح الجيلاني الناصري.

  سمع (الإبانة) وزوائدها على أبيه، وعنه علي بن منصور اللاهجي وولده (يحيى)⁣(⁣٥)، وكان فقيهاً، عالماً راسخاً في العلوم⁣(⁣٦).


(١) من (م).

(٢) في (م): لم يعب.

(٣)

[حاشية لسيدي حسن بن الحسين بن محمد الحوثي]

رحمة الله تغشاه

أقول: هذا الاستثناء كما قيل: «ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم»، وكقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «بيد أني من قريش»، لأني أعلم من حال والدنا الحسين بن محمد بن أمير الدين رحمه الله أنه لا غرض له في جميع أموره إلا رضاء الله تعالى والدار الآخرة. أما زهده، فهو أشبه بعلي بن أبي طالب؛ لا يريد الرياسة ولا ..... نحو المال.

ولقد سمعته يقول: «والله، ما الدراهم والدمن (يعني نجو السرقين) عندي إلا سواء». وسمعته يقول: «والله، لا تتوق نفسي إلى شيء من شهوات الدنيا، لا مأكول ولا مشروب ولا ملبوس ولا منكوح ولا مشموم، إلا شم العودة». ولم يزل مدته ساعياً في إرشاد الخلق ومواساة المحتاجين من المهاجرين والأرامل والأيتام والفقراء؛ كأن قوله تعالى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ} نزل فيه.

ومع هذا ابتلي بمنافسة من أهل الفقه، ولم يزل في علاج ومداراة إلى أن لقي الله صابراً على الأذى والهنات، محتسباً.

فلما كان بهذه المثابة، صار قدوة وعلماً لمن أعرض عن الدنيا. أما الإعراض عن عهد الدعوة، فليس إلا أنه لما وصلت دعوة من الإمام المتوكل، نزل من الهجرة جماعة، منهم خالي الهادي (المترجم له سابقاً) والسيد أحسن عدلان، إلى هجرة ضحيان. ووقع اجتماع بهم في بيت الوالد أحمد بن ..... العجري، ممن يشار إليهم من علماء ضحيان. ووقعت بينهم محاورة ومشاورة، مضمونها أن الهادي وأحسن عدلان ومن معهم قالوا: «لا نرضى بمتولي من اليمن وفينا من يصلح». ثم قال الهادي: «إما أن تقوم أنت يا صنو حسين، وإما أن أقوم».

فأجاب الوالد: «أما أنا فلا أريد ذلك، وأما أنتم فلا أشير بذلك عليكم؛ إذ لا ثمرة إلا ضرر يقع بين المسلمين، والأولى التأني ومراجعة السيد محمد بن شرف الدين وأهل الحل من اليمن لاجتماع الكلمة. وصاحب اليمن أعلمه في قوة لا قدرة لكم عليه على مقاومته، ولا طائل إلا الفتنة».

فقالوا: «لابد! وأما القوة، فلنا ثورة العامة تعادل قوتهم».

فقال لهم، لما رأى منهم الجد والعزم على المعارضة لداعي اليمن: «أما أنا فأقعد في بيتي وأتوقف لا لكم ولا عليكم».

قالوا: «لا نريد منك إلا ذلك»، فرجعوا إلى الهجرة والمزار.

ثم وقعت دعوة الهادي يوم ثالث الربوع، فوقع بين المحاربين حروب. ثم لما لاحت أمارة الغلبة للمتوكل ...... غضب وتعصبوا، ونسبوا ما لحقهم من الوهن إلى أنه من أجل سكوت الوالد، وأنه لو قام معهم لما كان ذلك. وهو يعتذر بأنه لو صح له إمامة الهادي لنصره. ولقد قال مرة وأنا أسمع: «والله، لو صح لي إمامة الهادي، لم آنف أن أخدمه بخلع نعليه». ثم لازال تبلغه منهم القوارض والأذى، وهو يتململ، وربما يتحاكى في بعض المجالس، ولم يقع منه في جانب الهادي إلا ما ذكرنا.

فإن كان قول المؤلف: «دعا الناس إلى خذلانه»، يريد هذا، وأن سكوته وتوقفه كدعا الناس، فصحيح، خلا أنه قد أوهم في العبارة. وأما أن الوالد دعا وسعى في خذلانه، فليس كذلك. ولولا أنه لا غرض لنا في ذكر ما جرى في تلك المدة من الأذى والهنات، لذكرنا ما يطول شرحه، ولقلنا أن الدعوة إلى الخذلان مما يعود على الأوصاف المذكورة سابقاً في ترجمة الهادي بالنقض.

فإني والله، لا أعلم بجرم من والدنا إلى الهادي يوجب طلب العفو، وإن الأمر بالعكس. ولقد قال والدنا وأنا أسمع: «إني لأخشى على الهادي مما يقع في جانبي أشد مما يقع من القتل في حروبه. لا وجه له يقتضي أذيتي، ولا موجب ولا مندوحة، وإني لا أقصده بسوء».

ولقد بكيت من أجله قدر ثمانين بكية. وإني لوشئت أن أضره لقدرت على ذلك، ولكن بين يدي الله الإنصاف. هذا هو الواقع، ولولا تعرض المؤلف بإيهام المعنى الفاسد، وأن النسخة صارت في نوبتي أتعرض لمثل هذا، لكن ألجت الضرورة. ولا ينبئك مثل خبير.

قال في الأم: كتب حسن بن حسين بن محمد وفقه الله. ربيع أول سنة ١٣٥٦. نقلاً عن نسخة الكاتب الخطّية وهي غير موجودة في المطبوعة.

(٤) طبقات الزيدية.

(٥) من (م).

(٦) في الطبقات: قال السيد أحمد بن الأمير: كان الحسين بن صالح فقيهاً عالماً راسخاً في علوم الدين شرف الدين قال القاضي الملا: حسين عالم كبير وهو أخ الحسن بن محمد صاحب حاشية الإبانة.