مقدمة المؤلف
  لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ»(١) وهذا الحديث مما تلقته الأمة بالقبول. وخرجه أهل الصحاح وهو متواتر معنى، وغير ذلك من الأحاديث الدالة على التمسك بهم مما (صح) ذلك عن الثقات من المحدثين مما لو ذكرناه لطال، وقصدنا الاختصار. قوله:
  ١٦ - وَنَسْأَلُ اللهَ لَنَا الْهِدَايَهْ ... وَنَيْلَ مَا نَرْجُوْا مِنَ الْكِفَايَهْ
  ١٧ - وَيَجْعَلَ التَّوْفِيقَ لِيْ رَفِيْقَا ... كَفَى بِهِ - سُبْحَانَهُ - رَفِيْقَا
  (ونسأل): نطلب من الله لا من غيره، (لَنَاالهداية) قيل: هي الدلالة الموصلة إلى المطلوب، وقيل: هي إرادة الطريق الموصل إلى المطلوب، والفرق بين المعنيين أن الأول: يستلزم الوصول إلى المطلوب بخلاف الثاني فإن الدلالة على ما يوصل إلى المطلوب لا يلزم أن تكون موصلة إلى ما يوصل إلى المطلوب، والأول منقوض بقوله تعالى: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى}[فصلت: ١٧] ولا يتصور الضلال بعد الوصول إلى الحق. والثاني: - منقوض - بقوله تعالى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}[القصص: ٥٦] فإن النبي ÷ كان شأنه إرادة الطريق، والصحيح أن الهداية: هي البيان للطريق الموصل إلى المطلوب (ونيل): حصول (ما نرجوا): ما نأمل (من الكفاية): في الدارين بمنه وكرمه. (ويجعل التوفيق): وهو توجيه الأسباب نحو المطلوب: الخير، (لي رفيقا): أي مرافقًا في كل حال من الحالات فإن مَنْ كان التوفيق رفيقه، استبان رشده وطريقه. (كفى به سبحانه رفيقا): بمعونته وعصمته وهدايته؛ إذ لا يتصور فيه المعنى الحسي. والله أعلم. وبتمام هذه الجملة تمت الخطبة بمعونة الله وتوفيقه. وَاعْلَمْ أَنَّهُ لا بد هنا من وضع مقدمة تعين الطالب على المقصود وهي بيان حد هذا العلم وبيان موضوعه وفائدته وحكمه ليكون الطالب على بصيرة فيما يتصوره ويعتقده من ذلك العلم فنقول:
  أما حده: فهو علم يعرف به كيفية قسمة التركات على مستحقها. وأما موضوعه: فهي التركات من حيث البحث عن قسمتها على مستحقها على الفريضة الشرعية. وأما فائدته: فإيصال كل وارث بما يستحقه على الوجه المطابق لمراد الله. وأما حكمه: فالوجوب على الكفاية.
(١) الترمذي ٥/ ٦٦٣ رقم ٣٧٨٨.