كشف الغامض شرح منظومة الفرائض،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

باب كيفية توريث ذوي الأرحام

صفحة 39 - الجزء 1

  اعلم أنه وقع الخلاف في توريث ذوي الأرحام بين العلماء على مذهبين: فذهب أبو حنيفة وصاحباه: أبو يوسف، ومحمد: إلى أن كل من كان أقربَ إلى الميت كان أولى بجميع المال، وأنهم يرثون على ترتيب العصبات إلا أن بينهم اختلافًا في بعض المسائل كما يأتي بيانه. وذهب عامة من قَالَ بتوريثهم إلى التنزيل. وهو المروي عن علي، وعبد الله بن مسعود ما فينزّلون ولد البنات وولد بنت الابن وولد الأخوات منزلة أمهاتهم، وأبا الأم والخال والخالة بمنزلة الأم. ووقع الخلاف في العمة، وقد أَشَارَ النَّاظِمُ إلى الخلاف فيها فيما سبق فَنَزَّلَهَا النخعي، والحسن بن صالح، ويحيى بن آدم بمنزلة الأب في جميع الأحوال وهذه الطريقة ذهب إليها بعض أصحاب الشافعي، ونَزَّلَهَا الثوري مع ولد الأخوات وبنات الإخوة بمنزلة الجد، ومع غيرهم بمنزلة الأب، وروي عن الشعبي وضرار بن صُرد أنهما نَزَّلاها بمنزلة العم. إذا عرفت هذا فالمراد بقول النَّاظِمُ: (ويرثون إرث أسبابهم) أي أن ذوي الأرحام يأخذون إرث من يدلون بهم، فإذا خلف الميت عمته وخالته ولا وارث له سواهما فتنزَّلُ العمة منزلة الأب وتأخذ الثلثين، والخالة الثلث؛ لأنها تنزل منزلة الأم التي تدلي بها، فكل وارث منهم يأخذ ما كان يأخذه من أدلى به، مثلًا: أولاد البنات يأخذون ميراث البنات، وأولاد الأخوات يأخذون ميراث الأخوات؛ فلو ترك الميت خالة لأب وأم، وخالة لأب، وخالة لأم: فللأولى النصف، وللثانية السدس، وللثالثة أيضًا السدس والباقي رد عليهن، فيكون المال بينهن على خمسة أسهم، وذلك أنا جعلنا ما كانت الأم تأخذه - وهو جميع المال - بينهن على حسب استحقاقهن لتركتها، وبه قَالَ الأكثر من أهل التنزيل. وقَالَ أبو حنيفة، والمنصور: تأخذ الخالة من الأب والأم المالَ جميعَهُ ولا شيء للآخِرَتَيْنِ؛ لكونها أقربَ نَسَبًا إلى الأم لاعتبارهما القُرْبَ. والأَوْلَى والمعتمد هو مذهب أهل التنزيل. إذا عرفت هذا فلا بد من اعتبار الحجب والإسقاط؛ فكل من أدلى بوارث منهم وَرِثَ، وكل من أدلى بمحجوبِ حُجبَ⁣(⁣١)، وكل من أدلى بساقط سقط⁣(⁣٢)، فإذا خلَّف الميت بنات بنت، وبنات أخت؛ فتنزل بنات البنت بمنزلة البنت وفَرْضُهَا النصف، وتنزل بنات الأخت بمنزلة الأخت ولها النصف بالتعصيب، فتأخذ بناتُ البنت ميراثَ أُمِّهِنَّ، وبناتُ الأخت ميراثَ أمهن؛ فلو خلف بنات بنت وخالة، فتنزل البنات


(١) وكذلك لو مات الميت وخلف أبا أمٍّ وأخوالا أو خالات؛ فهنا نقدر أن الأم هي الميتة وخلفت أباها وإخوتها أو أخواتها، وقد علمت أن الأب يحجبُ الإخوةَ؛ فيكون المال لأب الأُم على مذهب أهل التنزيل. والله اعلم. وإن كان جدًّا لأم مع الأخوال أو الخالات فالمال للخال، ولا شيء للجد، فافهم. تمت مؤلف.

(٢) مثاله: عم لأم من جهة الأب، أو عمة أو عمات، وابن أخت أو بنات إخوة؛ فالمال للعم أو العمات، ولا شيء لبنات الإخوة والأخوات. تمت مؤلف.