كشف الغامض شرح منظومة الفرائض،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

باب الإسقاط

صفحة 57 - الجزء 1

  لا يُسْقِطُ الجدة من جهة الأم، فكذلك وجودها لا يُسْقِطُ الجدة من قبل الأب، والمذهب هو ما ذكره النَّاظِمُ. ولا خلاف في أن الأب يحجب أمه، والأمُّ تحجب أُمَّهَا وجميعَ الجدات، وهو المروي عن زيد وعثمان والزبير، وبه قَالَ أبو حنيفة والمنصور والشافعي، وروي عن عمر وعبد الله وعمران بن حصين أنهم ورثوا الجدة مع ابنها. وَاعْلَمْ أَنَّهُ لا خلاف أن القربى تُسْقِطُ البُعْدَى من الجدات: فأم الأم تُسْقِطُ أم أم الأم، وأم الأب تسقط أم أبي الأب، وهكذا كل درجة قريبة منهن تُسْقِطُ البعيدة، والله أعلم. قوله:

  ٩٥ - وَيَسْقُطُ الشَّقِيْقُ يَا ذَا الذِّهْنِ ... بِالأَبِ وَالإِبْنِ وَإبْنِ الإِبْن

  ٩٦ - ثُمَّ أَخُوهُ لِأَبِيْهِ بِهِمُ ... وِبِالأَشِقَّا ثُمَّ أُخْتٍ لَهُمُ

  ٩٧ - هَذَا إِذَا مَا عُصِّبَتْ بِالْبِنْتِ ... أَوْ بِنْتِ الابْنِ فَاسْتَمِعْ مَا أُفْتِيْ

  أَشَارَ إلى أن الأخ الشقيق وهو الذي لأبوين يحجبه الأبُ والابن وابن الابن حَجْبَ إسقاطٍ، ولا يسقطه سوى هؤلاء، وعلى ذلك إجماع الصحابة م، والأخ للأب يَسْقُطُ بهؤلاء المذكورين، وبالإخوة الأشقاء أيضًا، وبالأخت لأبوين إذا عُصِّبَتْ بالبنت أو بنت الابن. مثاله: لو خلف بنتًا أو بنت ابن وأختًا لأبوين: فللبنت أو بنت الابن النصف، وللأخت لأبوين النصف الآخر، ولا شيء للإخوة لأب؛ وذلك لقوله ÷: «الأَخَوَاتُ مَعَ البَنَاتِ عَصَبَةٌ»⁣(⁣١) إلا ما يروى عن الناصر والإمامية وابن عباس وابن الزبير أن الأخت لا شيء لها مع البنت⁣(⁣٢)، وحكي عن ابن عباس أنه كان يحتج بقوله تعالى: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ}⁣[النساء: ١٧٦]، فلم يجعل لها النصف إلا بشرط عدم الولد والبنت؛ ولذا فيجب أَلَّا يكون للأخت معها شيء⁣(⁣٣). وأجيب بأن ليس للأخت مع البنت شيء مسمى في الكتاب فتكونَ من ذوي السهام وإنما هي عصبة، لها ما أبقت السهام، وقد روي عن ابن عباس أنه قد رجع عن ذلك⁣(⁣٤). قوله:

  ٩٨ - وَيَسْقُطُ الأَخُّ لأُمٍّ بِالْوَلَدْ ... وَوَلَدِ الإِبْنِ كَذَا أَبٍّ وَجَدْ

  ٩٩ - وَابْنُ الأَخِ الشَّقِيْقِ أَيْضًا بِهِمُ ... وَبِأَخٍ لِأَبَوَيْنِ مِنْهُمُ


(١) المسند ص ٣٦٤، وأصول الأحكام، والشفاء ٣/ ٤٥٤، والاعتصام ٥/ ٢٧٩ وسنن الدارمي ٢/ ٤٤٦ رقم ٢٨٨١ عن زيد ابن ثابت، ونكت العبادات ط ٢، مكتبة بدر.

(٢) التجريد ٦/ ٧.

(٣) أصول الأحكام ٢/ ٢٩٥.

(٤) ذكر الطحاوي في معاني الآثار ٤/ ٣٩٤: أن ابن الزبير رجع عن قوله، ورجوع ابن عباس لم نقف عليه؛ قَالَ في التجريد: ولم يحك مخالف إلا عن ابن عباس، وابن الزبير، وحكي عنه الرجوع، قلت: والضمير يرجع إلى أقرب ملفوظ.