مقدمة
  القرآن الكريم بـ {لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ١٧٦}، {لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ٢٢١}، {لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ١٦٤}، {لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ ٣١} قال الله تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ ١٠٤}[الانعام] وقال تعالى: {هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ٢٠}[الجاثية].
  وفي الحديث الشريف: «من أخذ دينه عن التفكر في آلاء الله والتدبر لكتاب الله والتفهم لسنتي زالت الجبال الرواسي ولم يزل، ومن أخذ دينه عن أفواه الرجال وقلدهم فيه ذهبت به الرجال من يمين إلى شمال، وكان من دين الله على أعظم زوال» وقال بعضهم:
  ما أحسن النظر الصحيح المنصف ... في مقتضى الإصدار والإيراد
  إن تأمل وتطبيق كتاب الله تعالى وسنة نبيه ÷ لكفيلان بحفظ عقيدة المسلم في أعماق كيانه، ولكن شريطة أن يتخلى عن الهوى، وينزع عن التعصب الأعمى، ويربأ بنفسه عن أقوال المتعنتين، وشبهات الناصبين وحيل أعداء الدين، ومن لا تجاوز الحكمة تراقيهم، فكم من قارئ للقرآن الكريم والقرآن يلعنه، وكم من حافظ للسنة الشريفة لا يعمل بها قد باض الشيطان في صدره وأفرخ في صميم كيانه، واستسلم للهوى ونأى عما هو أولى، فلا ينتفع بموعظة، ولا يصغي إلى نصيحة {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ ١٨}[البقرة] قال ÷: «سيخرج قوم من أمتي يقرءون القرآن، ليس قراءتكم إلى قراءتهم شيئاً، ولا صلاتكم إلى صلاتهم شيئاً، ولا صيامكم إلى صيامهم شيئاً، يقرءون القرآن يحسبون أنه لهم وهو عليهم، لا تجاوز قراءتهم تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، لو يعلم الجيش الذي يغشونهم ما قضي لهم على لسان نبيهم