الحديث السادس: حديث المباهلة
  تخالّوا قَالوا للعَاقب، وكان ذا رأيهم يا عبد المسيح ما ترى؟! فقال: والله لقد عرفتم يا معشر النصارى أنَّ محمداً نبي مرسل، وقد جاءكم بالفصل من أمر صاحبكم، والله ما باهل قوم نبياً قط فعاش كبيرهم ولا نبت صغيرهم، ولئن فعلتم لتهلكنٌ، فإن أبيتم إلا إلف دينكم والإقامة على ما أنتم عليه فَوادِعُوا الرّجل وانصرفوا إلى بلادكم. فأتي رسول الله ÷ وقد غدا محتضناً الحسين، آخذاً بيد الحسن، وفاطمة تمشي خلفه، وعلي خلفها، وهو يقول: «إذا أنا دعوت فأمنوا»، فقال أسقف نجران: يا معشر النصارى، إني لأرى وجوهاً لو شاء الله أن يُزيل جبلاً من مكانه لأزاله بها، فلا تباهلوا فتهلكوا، ولا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة، فقالوا: يا أبا القاسم، رأينا أن لا نباهلك، وأن نقرك على دينك، ونثبت على ديننا، قال: «فإذا أبيتم المباهلة، فأسلموا يكن لكم ما للمسلمين، وعليكم ما عليهم»، فأبوا، قال: «فإني أناجزكم»، فقالوا: ما لنا يحرب العرب طاقة، ولكن نصالحك على أن لا تغزونا، ولا تخيفنا، ولا تُردّدنا عن ديننا، على أن نؤدي إليك كل عام ألفي حُلة، ألفاً في صفر، وألفاً في رجب، وثلاثين درعاً عادية من حديد، فصالحهم على ذلك، وقال: «والذي نفسي بيده إن الهلاك قد تدلّى على أهل نجران، ولو لاعنوا لمسخوا قردة وخنازير، ولاضطرَم عَليهم الوادي ناراً، ولا ستأصل الله نجران وأهله حتى الطّير على رؤوس الشجر، ولما حال الحول على النصارى كلّهم حتى يهلكوا»(١). انتهى. وقال في تخريجه: أخرجه أبو نعيم في (دلائل النبوة)، عن محمّد بن مروان السدّي، وعن الشعبي مرسلاً.
(١) تفسير الكشاف: ٣٩٦/ ١.