(سورة المائدة)
  {لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} الآيه.
  أي لا تعتقدوا تحريمه أو لا تفتوا بتحريمه أو لا تجتنبوه، وتنهوا عنه كالمحرم أو لا تلزموا تحريمه بنذر أو يمين فان كان بنذر فإنما يلزم الوفاء أو الكفارة عند من صحح النذر بالمباح، وان كان يمينا فإنما يلزم عند من أوجب الوفاء بالمباح وقد تقدم في البقرة الخلاف، وان كان بلفظ التحريم ففيه الخلاف المشهور وسياتي في سورة التحريم، وقال قاضي القضاء المراد بالآية لا تجعلوا الحلال حراما بتصرف يصدر منكم كالمبايعات الربوية وخلط المباح بالمغصوب والطاهر بالنجس، وهذه الآية وسببها يدلان على أنه لا ينبغي ترك الطبيات من الطعام زهدا فيها، وقد كان الرسول ÷: يأكل الدجاج والفالوذج، وكان يعجبه الحلو أو العسل، وقال ÷: «المؤمن حلو يحب الحلاوة»، ومثل ذلك ما رواه الزمخشري عن الحسن مع فرقد.
  وعن على بن موسى القس، ان الانبياء $ قد توسعوا في الحلال، وكذلك الصحابة، قال ورأيناهم لا يعدلون عن الشابة الجميلة الى العجوز القبيحة فما بالهم يعدلون من خبز البر الى خبز الشعير زهدا، ثم انه قد ورد في الزهد والحث عليه وما كان عليه عيسى # وامير المؤمنين على كرم الله وجهه، واكابر الصحابة من التقنع بالقليل، والتقشف في الطبس، والمطعم، وما رواه ط عنه ÷ انه اتى بفطوره في قباء بقعب فيه لمن مخيض بعسل فقال: شربتان في شربة اما انى لا اقول انه حرام، ولكنى اتواضع لله ø.
  فيكون الجمع بين ذلك بان الزهد هو تركه لا تحريما له كما نهى الله عنه، بل تواضعا كما فعل الرسول ÷، وانما يكون ذلك اولى حيث يكون الزاهد ممن يقتدى به في تحقير الدنيا، والرغبة عنها أو من اهل الرياضة الذين يريدون الوضع لأنفسهم، والا هانة لها لما يرومون من طبعها على طبائع الخير،