شافي العليل في شرح الخمسمائة آية من التنزيل،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

(سورة المائدة)

صفحة 155 - الجزء 1

  وتبعيدها عن الكبر ونحوه من طبائع الشر، هذا كله مع عدم الضعف عن الواجب من جهاد أو غيره وذلك يختلف بحسب اختلاف احوال الناس.

  واما ما ذكر القس فيمكن فيه الفرق بين الزوجية والطعام بان الزوجية محصنة في الدين فبولغ فيها ليقوى التحصين بخلاف الطعام فانه لمجرد اللذة في الغالب،

  وقد يجلب فضوله فضول الكلام، والتصرفات، واما قول بعضهم ان الزهد في الطبيات يشرع، لان العبد لا يؤدي شكرها، فمردود لأنه لا يفى شكر شيء من النعم البتة، وعن الحسن انه قيل له ان فلانا لا يأكل الفالوذج، ويقول لا اؤدي شكره قال: افيشرب الماء البارد قيل، قال: انه جاهل، ان نعمة الله في الماء البارد اكثر من نعمته في الفالوذج.

  {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} الآيه.

  المراد عند الحنفية المؤاخذة في الدنيا وهي الكفارة، فلا تجب بقرينة ذكرها بعد ذلك، فاللغو نقيض المعقودة التي عقد عليها قلبه، فشمل اللغو، السهو وما ظنه صادقا في الحلف عليه فهو داخل في السهو ايضا، وتشتمل الغموس بخلاف آية البقرة فاللغو فيها عندهم السهو فقط، لمقابلة الكسب والمؤاخذة ثم في الآخرة، وقال: ش: المؤاخذة فيهما واحدة، وهي في الدنيا ويجعل العقد كسب القلب واللغو هو السهو، فيوجب الكفارة في الغموس بخلاف الحنفية وعند اهل المذهب: اللغو ما ظن صادقا، وهو قول الحسن والشعبي والنخعي، وهذا ايضا من جملة اللغو عند الحنفية على ما مر وهو ايضا قول ن، والآية عندهم شاملة لجميع الايمان وكذا عند ش، واما عندنا فالغموس خارجة من الآية، والاصل عدم الكفارة فيها، ولم يدل دليل على وجوبها، لكن المؤاخذة عندنا شاملة للدنيوية، والاخروية، وعند الفريقين ون، ليست شاملة كما تقدم آنفا.

  {فَكَفَّارَتُهُ} الفاء تشعر بالتسبب وقد جعله النخعي راجعا الى اللغو فأوجب فيه الكفارة وجعل المؤاخذة المنفية في الآخرة فقط.