شافي العليل في شرح الخمسمائة آية من التنزيل،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

(سورة الانفال)

صفحة 183 - الجزء 1

  المتوكل من لا يرجو الا الله، ولا يخاف الا اياه يشكر على النعمة ولا يعتقد انه لها اهل ويصبر على البلية، ويعتقد ان لله فيها حكمة، واصلاحا له، وذلك لا ينافي طلب الحلال، لانه قد يجب في بعض الاوقات، وقد جاء في الحديث «ان المتوكل رجل القى الحب وهو منتظر الغيث» وروى ان الصحابة اشاروا على ابي بكر بترك التجارة لما ولى الخلافة ان كان ذلك يشغله، وكان ياخذ كفايته من مال المصالح فراي ان ذلك اولى، ولما توفى اوصي برده الى بيت المال ذكر ذلك في الاحياء.

  {إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ} الآيه.

  اى الكر، والعود، وذلك كأن يخيل الفرار للعد وثم يعطف عليه فيكون ذلك من الخدع المشار اليه بقوله ÷: «الحرب خدعة».

  {أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ} عن الحسن، وقتادة، والضحاك والخدرى: ان ذلك بخصوص يوم بدر لان المسلمين خرجوا جميعا فلم تكن ثم فئة يفر اليها، واما بعد ذلك فيجوز الفرار مطلقا، لان الفئة حاصلة ولو بعدت، وعن ابن عمر خرجت فئة وانا فيهم ففروا فلما رجعوا الى المدينة استحيوا فدخلوا البيوت، فقلت يا رسول الله نحن الفرارون، فقال بل انتم العكارون، وانا فئتكم، والعكار هو الكرار وقال الجمهور: هي عامة، ثم اختلفوا فقال عطاء بن ابي رباح هي منسوخة بقوله تعالى في آخر السورة {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ}، وقال الجمهور: حكمها باق، فقال الأكثر يجوز الفرار إذا خشي الاستئصال وكان الى فئة ولو بعدت، زاد أبو طالب ثالثا وهو عدم نكاية العدو والصحيح عدم اعتباره، وقال في التذكرة والا نتصار، والشفاء ومهذب ش: إذا وجدت الفئة جاز مطلقا والا حرم قيل الا خشي الاستئصال وكان الى فئة ولو بعدت جاز وقد يقال بل يجب. حينئذ قال في الانتصار وانما يحرم الفرار إذا كان العدو مثلى المسلمين فما دون لا اكثر فكأنه جعل الآية مبينة بما في آخر السورة ومثله في الشفاء ومهذب ش فإن