شافي العليل في شرح الخمسمائة آية من التنزيل،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

(سورة مريم &)

صفحة 240 - الجزء 1

(سورة مريم &)

  {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا ٥} الآيه.

  دلت على استحباب تمنى الولد، لأمر ديني، وهو أن يخلفه في حفظ العلم والدين وصونها عن التغيير، والتبديل.

  وقد أخذ من آداب الدعاء مافعله زكريا من تقديم التوسل بضعفه ووهن عظمه وكبر سنه، بما تعوده من كرم الله تعالى من اجابة الدعاء، وبمابعثه على الدعاء وهو خوف تغيير الموالي للدين، وتحريفهم للعلم، بلوغ زوجته حدا ينقطع الرجاء في مثله من الولد، وهذه أمور ذكرها يوجب العطف بالرحمة واجابة الدعوة.

  وقد جعل الله من صفات الايمان سؤال الولد الصالح في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ}.

  {إِنَّا نُبَشِّرُكَ} الآيه.

  دلت على أن المرسل مبشر أيضا، فلو قال من بشرني من عبيدي بكذا فهو حر، فأرسل أحدهم مبشرا عتق، كما أن الرسول يسمى مبشرا حقيقة، قال تعالى: {بَشِيرًا وَنَذِيرًا} فاذا أرسل أحد العبدين الآخر عتقا معا على هذا.

  {فَلَنْ أُكَلِّمَ} الآيه.

  قيل نذرت بالصوم الشرعي وكان لا يتكلم فيه في شريعتهم، وهو منسوخ، لقوله ÷: «لا صمات في الاسلام».

  وقيل نذرت بالسكوت، وهو أيضا منسوخ عند الهدوية، فلايلزم الوفاء ولا كفارة. وقال م بالله: يخير بينهما، وانما أمرت بذلك لما انطوى عليه السكوت من مجادلة السفهاء ومما راتهم من المصالح واللطائف.

  {فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ} الآيه.

  دلت على أن الاشارة لا تسمى كلاما فمن حلف لا يكلم لم يحنث بالاشارة خلافا للش محتجا بقوله لا تكلم الناس ثلاثة أيام الا رمزا.