(سورة مريم &)
  {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ} الآيه.
  تؤخذ منه آداب لطيفة، فانه بين له بطلان ماهو عليه أولا، ثم ذكر أن الذي يقوله صدر عن علم يقين، فيجب عليه اتباعه لما تقرر أنه يجب على الجاهل اتباع العالم، ثم دعاه الى الحق، وخوفه من العذاب وغيره، فأنه يصير من أولياء عدو الله، وكرر ذكر النداء بما يوجب الحنو، والعطف، وهي كلمة الأبوة، مقرونة بالتاء مضافة الى النفس.
  {وَأَعْتَزِلُكُمْ} الآيه.
  دلت على فضيلة العزلة عن أهل العصيان، والمراد الهجرة، ولكن انما يحسن بعد الاياس من القبول، ولذلك عوقب يونس # حين اعتزل قومه مغاصبا لهم قبل الاذن له بذلك وفهم أن العزلة من الناس، انما تحسن بعد الاياس من الاصلاح، لأن معالجة أهل الضلال: بالارشاد والتعليم طريقة الأنبياء، فهي الأفضل قطعا، وعلى الاياس يحمل ما فعله كثير من صالحي السلف من التخلى للعبادة.
  وعن حذيفة ابن اليمان: لوددت أن لى من يصلحني في مالي فألقت علىّ بابى فلم يدخل على أحد من الناس، ولم أخرج اليهم حتى ألقى الله سبحانه وتعالى.
  وروى عنه: لو أن أحدا من صدر هذه الأمة، طيّن على نفسه بيتا فلم يخرج منه الاميتا لكنت له ثانيا.
  وروى عن سعد بن أبي وقاص قريب من ذلك.
  {إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ٩٣} الآيه.
  فيه دليل على منافاة الملك للبنوة، لكن مذهبنا ذلك في جميع الأرحام لقوله ÷: «من ملك ذا محرم فهو حر».
  وقال داود: لا تنافي بينهما مطلقا.
  وقال الشافعي: بل في البنوة والأبوة فقط.