شافي العليل في شرح الخمسمائة آية من التنزيل،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

(سورة الاحزاب)

صفحة 282 - الجزء 1

  دلت على وجوب التاسى بالرسول ÷، دلالة مؤكدة بالقسم اولا، ثم بمنطوق قوله {لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ}.

  ثم بمفهومه، فانه يفهم منه أن عدم التاسي فيه طريقة من لا يرجو الله واليوم الآخر.

  وفى وجوب التاسى بالرسول ÷: تفصيل واختلاف كثير، وحاصله: ان افعال النبي ÷ اربعة اضرب: احدها: ماعرف انه زلة وهفوة فرطت، فهذه معصية ولا تاسى فيها.

  وثانيهما: ماعرف انه مخصوص به كاباحة مافوق اربع نسوة، ووجوب قيام الليل، والوتر، والاضحية، وتحريم الكتابة، والشعر، ونكاح الامة ونحو ذلك وهذا لا تاسى فيه ايضا باتفاق.

  وثالثهما: مالم يعلم خصوصين به ومع ذلك عرف وجهه، وهو انه فعله على انه واجب أو مندوب أو مباح، فهذا يجب فيه التاسي، فيكون في حقنا كما في حقه من وجوب وندب وغيرهما.

  ورابعها: مالم يعرف خصوصه به ولا عرف وجهه فهذا ايضا يجب فيه التاسى، ولكن قد اختلف العلماء على ماذا يحمل؟

  فقيل: على الوجوب احوط.

  وقيل: على الندب لانه الاغلب من افعاله ÷ وقيل: على الاباحة لانه المتيقن وغيره مشكوك فيه فيحتاج الى دليل، وهذا الا خير هو المختار.

  وذلك كما إذا خرج في بعض اوقاته راكبا أو ماشيا، أو لبس جنسا من الثياب، أو نام أو قعد متكيا فيحمل على الاباحة فقط فيتاسى به فيه على انه مباح ايضا، وقد علم مما ذكرنا من وجوب التاسى به في الضربين الاخيرين دون الاولين، لان الآية من العام المخصوص.

  اما الضرب الاول: فبدليل العقل.