مذاكرات ومراجعات علمية وتاريخية بلندن
  فقلتُ: هذه هي الحَقِيقَةُ مَشْهُودًا عليها بما صَدَّرَهُ أئمَّةُ العِلْمِ، وأَفَدْتُكم أنّ أرباب الْمُلْكِ والسياسَةِ ومَنْ صَانَعَهم من عُلماءِ السوء البائعين ضمائرهم هم الذين وضعوا السدود بين هذه العصابة المؤمنة المجاهدة وبين إخوانهم، ورَمَوْهُمْ بكلّ داهية، وأَلْصَقُوا بهم كل فاقرة؛ تنفيرًا للناس عنهم؛ لمكان اختصاصهم بالجهاد، وإنكار الظلم والطغيان، وثلّ عروش الظلمة، وجبابرة الأمة، هذا أمر مَعْلُومٌ لا يُنْكَرُ، والبرهان قائم عليه من التاريخ المعترف به بين الأمة. والذي تميَّزوا به حقّ التميّز هو العمل حقيقة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والخروج على الظلمة، وغيرهم لا يقولون بذلك.
  أمَّا أتباع الأئمة الأربعة فيذهبون إلى أنه لا يجب الخروج على المتغلّب الظالم مهما أقام الصلاة، أو ما لم يروا كفراً بواحاً، ولهم روايات في ذلك.
  وقد احتجّت الزيدية بحججٍ نَيِّرة من الكتاب والسنة، منها قوله تعالى: {وَلۡتَكُن مِّنكُمۡ أُمَّةٞ يَدۡعُونَ إِلَى ٱلۡخَيۡرِ وَيَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِۚ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ١٠٤}[آل عمران]، وقوله تعالى: {لُعِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۢ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُۥدَ وَعِيسَى ٱبۡنِ مَرۡيَمَۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعۡتَدُونَ ٧٨ كَانُواْ لَا يَتَنَاهَوۡنَ عَن مُّنكَرٖ فَعَلُوهُۚ} الآية [المائدة].
  ونحو قوله ÷: «لا طَاعَةَ لِمَنْ لَمْ يُطِع اللَّهَ»، أخرجه