أخبار فخ وخبر يحيى بن عبدالله (ع) وأخيه إدريس بن عبدالله (ع)،

أحمد بن سهل الرازي (المتوفى: 310 هـ)

[نقض أمان يحيى #]

صفحة 107 - الجزء 1

  قال هارون: والفضل يقول هذا.

  قال: فدعا بالفضل؛ ويحيى بن خالد وابنه جعفر بن يحيى حاضران.

  فقال هارون: يا فضل ألست إنما نويت بالأمان غير الوفاء.

  قال الفضل: لا، ما نويت بالأمان إلا الوفاء.

  قال: فغضب هارون، وقال: ويْلك أليس إنما نويت غير الوفاء؟.

  قال: لا يا أميرالمؤمنين ما نويت إلا الوفاء، فاشتدّ غضب هارون وقال: ويلك أليس نويت غير الوفاء؟.

  قال: لا، والله الذي لا إله إلا هو مانويت غير الوفاء يا أميرالمؤمنين.

  ونظر أبو البختري إلى يحيى بن خالد، وجعفر بن يحيى، قد تغيّرت وجوههما وأربدت، ورمياه بأبصارهما فعرف الشرّ في وجوههما.

  فقال: يا أمير المؤمنين ما تصنع بهذا أدعُ لي بسكين.

  فأحضر له سكين، فقطع الأمان، ثم قال: يا أميرالمؤمنين أقتله ودمه في عنقي.

  قال: فقاله له يحيى: يا دَعِي، والله لقد علمت قريش إنك لقيط، وإنك تُدعى إلى غير أبيك، وأبوك الذي تدّعي أبوّته لم يصح له نسب في قريش، إنما هو عبد لبني زمعة، فأنت مُدَّعٍ إلى دَعِيٍّ، وقد جاء في الأثرعن الرسول صلى الله عليه وآله: «إنَّ من ادعى إلى غير أبيه أواِنتمى إلى غير مَواليه فليتبوأ مقعده من النار⁣(⁣١)»، فكيف ترى حالك وأنت مصرٌ على الدعوة بعد معرفتك بالأثر عن النبي #، ثم جرأتك على الله واستخفافك لمحارمه في تخريق أمان قد وكّده ووثقه جماعة من علماء المسلمين، فهب أن لا مراقبة


(١) انظر: صحيح مسلم، وقد ورد في أماكن عدة منها في كتاب العتق ٢٧٧٤: «من ادعي إلى غير أبيه ....» باختلاف يسير، وفي الترمذي في كتاب الوصايا ٢٠٤٦.