أخبار فخ وخبر يحيى بن عبدالله (ع) وأخيه إدريس بن عبدالله (ع)،

أحمد بن سهل الرازي (المتوفى: 310 هـ)

[رسالة إدريس إلى المغاربة]

صفحة 59 - الجزء 1

  صلي الله عليه وآله، والأنبياء الداعين إلى الله قبله؛ وتكثيره إياهم بعد القلّة، وإعزازهم بعد الذلة؛ دليلٌ بين، وبرهانٌ واضحٌ، قال الله ø: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ}⁣[آل عمران: ١٢٣]، {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ٤٠}⁣[الحج: ٤٠]. فنصر الله نبيه، وكثر جنده؛ وأظهر حزبه، وأنجز وعده، جزاء من الله له وثوابا لفعله وصبره وإيثاره طاعة ربه؛ ورأفته بعباده ورحمته؛ وحُسْن قيامه بالعدل والقسط في بريته، ومجاهدة أعدائه؛ وزهده فيما زهّده فيه، ورغبته فيما ندبه إليه، ومواساته أصحابه، وسعة خُلقه، كما أدّبه الله وأمره؛ وأمرالعباد باتباعه، وسلوك سبيله، والإقتداء بهديه واقتفاء أثره؛ فإذا فعلوا ذلك أنجز لهم ما وعدهم؛ كما قال ø: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ٧}⁣[محمد: ٧]، وقال: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}⁣[المائدة: ٣]، وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ٩٠}⁣[النحل: ٩٠].

  وكما مدحهم وأثنى عليهم إذْ يقول: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}⁣[آل عمران: ١١٠]، وقال ø: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}⁣[التوبة: ٧١]، ففرض الله ø الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأضافه إلى الإيمان به والإقرار بمعرفته، وأمر بالجهاد عليه والدعاء إليه، فقال ø: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ}⁣[التوبة: ٢٩]، وفرض قتال العاندين عن الحق، والباغين عليه، ممن آمن به وصدّق بكتابه؛ حتى يعودوا إليه ويفيئوا.

  كما فرض الله قتال من كفر به وصدّ عنه حتى يؤمن ويعترف بدينه وشرائعه، فقال