[كتاب الرشيد إلى يحيى #]
[كتاب الرشيد إلى يحيى #]
  وكتب هارون إلى يحيى بن عبد الله كتاباً يعرض عليه فيه الأمان له؛ ويبذل ليحيى من المال ألف ألف وألف ألف وألف ألف، ومن القطائع كذا وكذا، وأن ينزلوه من البلاد حيث أحبّ؛ ويولوه من الولايات والبلاد ما أراد؛ ويقضوا له من الحوائج كل ما طلب.
[جواب يحيى # على الرشيد]
  فكتب يحيى إلى هارون جواب كتابه بكتابه هذا، وهو معتصم بما يؤكّد الديلمي من ذمته، راج منه الوفاء وحسن المدافعة، لِمَا أظهر من مَنْعه وعقد من ذمّته، وهذا كتابه:
  
  «أما بعد: فقد فهمتُ ما عرضتَ عليّ من الأمان على أن تبذل لي أموال المسلمين، وتقطعني ضياعهم التي جعلها الله لهم دوني ودونك، ولم يجعل لنا فيها نقيراً ولا فتيلاً، فاستعظمت الإستماع له فضلاً عن الركون إليه، واستوحشت منه تنزهاً عن قبوله، فاحبس أيها الإنسان عن مالك وإقطاعك وقضاء حوائجي، فقد أدّبتني أمي أدباً ناقصاً، وولدتني عاقاً قاطعاً، فوالله لو أنّ من قتلتم من أهلي تركاً وديا لم على بُعدِ أنسابهم مني وانقطاع رحمهم عني لوجبت عليّ نصرتهم، والطلب بدمائهم، إذْ كان منكم قتلهم ظلماً وعدواناً، والله لكم بالمرصاد لما ارتكبتم من ذلك، وعلى الميعاد لماسبق فيه من قوله ووعده ووعيده، وكفى بالله جازياً ومعاقباً وناصراً لأوليائه ومنتقماً من أعدائه.
  وكيف لا أطلب بدمائهم وأنام عن ثأرهم؟ والمقتول بالجوع والعطش والنكال في ضيق المحابس وثقل الأغلال وعدوّ العذاب وترادف الأسواط؛ أبي عبد الله بن الحسن