أخبار فخ وخبر يحيى بن عبدالله (ع) وأخيه إدريس بن عبدالله (ع)،

أحمد بن سهل الرازي (المتوفى: 310 هـ)

[كتاب الرشيد إلى يحيى #]

صفحة 76 - الجزء 1

  النفس الزكية والهمّة السنية، والديانة المرضية، والخشية⁣(⁣١) والبقية، شيخ الفواطم، وسيّد أبناء الرسل⁣(⁣٢) طراً، وأرفع أهل عصره قدراً، وأكرم أهل بلاد الله فعلاً، ثم يتلوه إخوته وبنوا أبيه، ثم إخوتي وبنوا عمومتي، نجوم السماء، وأوتاد الدنيا، وزينة الأرض، وأمان الخلق، ومعدن الحكمة، وينبوع العلم، وكهف المظلوم، ومأوى الملهوف، مامنهم أحد إلا من لو أقسم على الله لبّر قسمه.

  فما أنسَ من شيء فلا أنسى مصارعَهم، وما حلّ بهم من سوء مقدرتكم، ولؤم ظفركم، وعظيم إقدامكم، وقسوة قلوبكم، إذْ جاوزتم قِتْلِة من كفر بالله إفراطاً، وعذاب من عاند الله إسرافاً، ومُثْلة من جحد الله عتواً، وكيف أنساه؟ وما أذكره ليلاً إلا أقضّ عليَّ مضجعي، وأقلقني عن موضعي، ولا نهاراً إلا أمَرَّ عليَّ عيشي؛ وقصّر إليَّ نفسي، حتى لوددت أنِّي أجد السبيل إلى الإستعانة بالسباع عليكم فضلاً عن الإنس، فآخذ منكم حق الله الذي أوجب عليكم، وأنتصر من ظالمكم؛ فأشفي غليل صدر قد كثرت بلابله وأسكّن قلباً جماً وساوسه من المؤمنين، وأذهب غيظ قلوبهم، ولو يوماً واحداً ثم يقضي الله فيَّ ما أحب، فإن أعش: فمدرك ثأري داعياً إلى الله سبحانه على سبيل رشاد أنا ومن اتبعي، نسلك قصد من سلف من آبائي وإخوتي وإخواني القائمين بالقسط، والدعاة إلى الحق، وإن أَمُت: فعلي سنن ما ماتوا؛ غير راهب لمصرعهم ولا راغب عن هديهم، فلي بهم أسوة حسنة؛ وقدوة هادية، فأول قدوتي منهم أمير المؤمنين ~، إذْ


(١) في بعض النسخ: (الحسبة).

(٢) في الحدائق الوردية، والتحف شرح الزلف (سيد أبناء هاشم).