أخبار فخ وخبر يحيى بن عبدالله (ع) وأخيه إدريس بن عبدالله (ع)،

أحمد بن سهل الرازي (المتوفى: 310 هـ)

[جواب يحيى # على الرشيد]

صفحة 77 - الجزء 1

  كان مازال قائماً حين القيام [على المؤمن⁣(⁣١)] مع الإمكان حتماً والنهوض لمجاهدة الجائرين فرضاً، فاعترض عليه من كان كالظلف مع الخف، ونازعه من كان كالظلمة مع الشمس، فوجدوا لعمرالله من حزب الشيطان مثل من وجدتَ، وظاهرهم من أعداء الله مثل من ظاهركَ؛ وهم لمكان الحق عارفون، وبمواضع الرشد عالمون، فباعوا عظيم جزاء الآخرة بواتح⁣(⁣٢) عاجل الدنيا، ولذيذ الولاء والصدق بغليظ مرارة الإفك، ولو شاء أمير المؤمنين لهدأت له وركنت إليه بمحاباة الظالمين، واتخاذ المضلين، وموالاة المارقين، ولكن أبي الله ورسوله أن يكون للخائنين متخذاً، ولا للظالمين موالياً، ولم يكن أمره عندهم مشكلاً، فبدلوا نعمة الله كفراً، واتخذوا آيات الله هزؤاً، وأنكروا كرامة الله، وجحدوا فضيلة الله لنا، فقال رابعهم: «أن تكون لهم الخلافة والنبوة؟» حسداً⁣(⁣٣) وبغياً، فقديماً ما حسد النبيئون وآل النبئين، الذين اختصهم الله بمثل ما اختصنا، وأخبرعنهم تبارك وتعالى فقال: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ٥٤}⁣[النساء: ٥٤] فجمع لهم المكارم والفضائل والكتاب والحكمة والنبوة والملك العظيم، فلما أبوا إلا تمادياً في الغي وإصراراً على الضلال جاهدهم أمير المؤمنين حتى لقي الله شهيداً ~.

  ثم تلاه الحسن ابنه سليل رسول الله صلى الله عليه وشبيهه وسيد شباب أهل الجنة إذْ


(١) (على المؤمن): توجد في بعض النسخ.

(٢) في الحدائق الوردية، والتحف شرح الزلف: «جزاء الآخرة بحقير عاجل الدنيا». والواتح: هو الشيء ... التافه.

(٣) انظر مفهوم العبارة في المصابيح (١١٤) مصورة، أنوار اليقين/٧ مصورة.