[جواب يحيى # على الرشيد]
  كلّ أهلها سادة، فكيف بسّيد السادات، فجاهد من كان أمير المؤمنين جاهدَه، وسكن إليه من المسلمين من كان شايعه من ذوي السابقة وأهل المأثرة، فكان أول من نقض ما عقد له ونكث عمّا عاهده: عمك عبيدالله بن العباس، حين اطمأنّ إليه، وظن أن سريرته لله مثل علانيته، وجّهه على مقدّمته في نحو من عشرين ألفاً من المسلمين، فلما نزل مسكناً من سواد العراق باع دينه وأمانته من ابن آكلة الأكباد بمائة ألف درهم؛ وفرّق عسكره ليلاً، ولحق بمعاوية، فدّله على عورات عسكر ابن رسول الله، وأطمعه في مبارزته بعد أن كانت نفسه قد أحيط بها، وضاق عليه مورده ومصدره، وظن أن لا مطمع له حين استدرج وأمهل له، فارتحل الحسن بنفسه باذلاً لها في ذات الله ومحتسباً ثواب الله، حتى إذا صار بالمدائن وثبَ عليه أخو أسد فوجأه في فخذه فسقط لما به؛ وآيس الناس من إفاقته، فتبددوا شيعاً؛ وتفرقوا قطعاً، فلما قصرت طاقته، وعجزت قوّته، وخذله أعوانه، سالَم هو وأخوه معذورَيْن مظلومين موتورين، فاستثقل اللعين ابن اللعين حياتهما واستطال مدتهما، فاحتال بالإغتيال لابن رسول الله ÷ حتى نال مراده وظفر بقتله، فمضي مسموماً شهيداً مغموماً فقيداً، وغبر شقيقه وأخوه وابن أمه وأبيه، شريكه في فضله ونظيره في سؤدده على مثل ما انقرض عليه أبوه وأخوه؛ حتى إذا ظنّ أن قد أمكنته محبة الله من بوارهم ونصرة الله من افترائهم، دافعه عنها أبناء الدنيا واستدرج بها أبناء الطلقاء، فبعداً للقوم الظالمين، وسحقاً لمن آثر على سليل النبيئين وبقية المهتدين الخبيث وابن الأخبثين، والخائن وابن الخائنين، فقتلوه ومنعوه ماء الفرات وهو مبذول لسائر السباع، وأَعْطشوه وأعطشوا أهله وقتلوهم ظلماً، يناشدونهم فلا يُجابون، ويستعطفونهم فلا يرحمون، ثم تهادوا رأسه إلى يزيد الخمور والفجور تقرباً إليه، فبعداً للقوم الظالمين.