[خطبة يحيى # للشهود]
  الْقُرْبَى}[الشوري: ٢٣].
  فلمَّا بلَّغ رسالة ربه وأنجز الله له ما وعده من طاعة العباد، والتمكين في البلاد؛ دُعِيَ صلى الله عليه فأجاب، فصارإلى جوارربه وكرامته، وقدم على البهجة والسرور، وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخّر، فوعده الشفاعة عنده والمقام المحمود لديه، فَخلَّف بين أظهركم ذرّيَّته فأخرتموهم وقدّمتم غيرهم، ووليتم أمور كم سواهم، ثم لم نلبث إلا يسيراً حتى جُعِلَ مال ولده حوزاً، وَظُلِمت ابنتُه فدفنت ليلاً، وقُتل فيكم وصيه وأخوه وابن عمه وأبو ابنيه، ثم خُذل وجُرح وسُمَّ سبطه الأكبر أبو محمد، ثم قُتل سبطه الأصغر أبوعبدالله مع ثمانية عشر رجلاً من أهل بيته الأدنين في مقام واحد، ثم على أثر ذلك نُبِش وصُلِب وأُحْرق بالنار ولد ولده، ثم هم بعد ذلك يُقتلون ويُطْردون ويشرّدون في البلاد إلى هذه الغاية، قُتِلَ كِبَارُهُم وأوتم أولادهم، وأُرْملت نساؤهم.
  سبحان الله ما لقي عدوّ من عدوه ما لقيَ أهل بيت نبيكم منكم من القتل والحرق والصلب.
  وليس فيكم من يغضب لهم إلا هزؤاً بالقول، وإن غضبتم لهم - زعمتم - وقمتم معهم كي تنصروهم لم تلبثوا إلا يسيراً حتى تخذلوهم وتتفرّقوا عنهم، فلو كان محمد صلى الله عليه وآله من السودان البعيدة أنسابهم المنقطعة أسبابهم - إلاّ أنه قد جاوركم بمثل ماجاوركم به - لوجب عليكم حفظه في ذريته، فكيف وأنتم شجرة هوأصلها، وأغصان هو فرعها، تفخرون على العجم، وتصولون على سائرالأمم، وقد عاقدتموه وعاهدتموه أن تمنعوه مما تمنعون منه أنفسكم وذراريكم؟. فسوءة لكم ثم سوءة، بأي وجه تلقونه غداُ؟، وبأي عذر تعتذرون إليه؟.
  أبقلّة؟ فما أنتم بقليل.