أخبار فخ وخبر يحيى بن عبدالله (ع) وأخيه إدريس بن عبدالله (ع)،

أحمد بن سهل الرازي (المتوفى: 310 هـ)

[خطبة يحيى # للشهود]

صفحة 90 - الجزء 1

  أفتجحدون؟! فذلك يوم لا ينفع جحد، ذاك يوم تُبلى فيه السرائر.

  أم تقولون: قتلناهم؟ فتصدقون، فيأخذكم الجليل أخذ عزيز مقتدر.

  لقد هدمتم ماشّيد الله من بنائكم، وأطفأتم ما أنار من ذكركم، فلو فعلت السماء ما فعلتم لتطأطأت إذلالاً، أو الجبال لصارت دكاً، أو الأرض لمارت موراً، أي عجب أعجب من أن أحدكم يَقْتُل نفسه في معصية الله ولا ينهزم، يقول بزعمه: لا تتحدث نساء العرب بأني فررت، وقد تحدثت نساء العرب بأنكم خفرتم أمانتكم ونقضتم عهودكم، ونكصتم على أعقابكم، وفررتم بأجمعكم عن أهل بيت نبيكم، فلا أنتم تنصرونهم للديانة وما افترض الله عليكم، ولا من طريق العصبية والحمية، ولا بقرب جوارهم وتلاصق دارهم منكم، ولا أنتم تعتزلونهم فلا تنصرونهم ولا تنصرون عليهم عدوّهم؛ بل صيرتموهم لُحمةً لسيوفكم، ونهزة ليشتفي غيظكم من قتلهم واستئصالهم، وطلبتموهم في مظانّهم ودارهم، وفي غير دارهم؛ فصرْنا طريدة لكم من ودار إلى دار، ومن جبل إلى جبل، ومن شاهق إلى شاهق، ثم لم يقنعكم ذلك حتى أخرجتمونا من دار الإسلام إلى دار الشرك، ثم لم ترضوا بذلك من حالنا حتى تداعيتم علينا معشر العرب خاصة من دون جميع العجم من أهل الأمصار والمدائن والبلدان، فخرجتم إلى دار الشرك طلباً لدمائنا دون دماء أهل الشرك تلذذاً منكم بقتلنا، وتقرباً إلى ربكم باجتياحنا؛ زعمتم لأن لا يبقى بين أظهركم من ذرية نبيكم عين تطرف ولا نفس تعرف، ثم لم يقم بذلك منكم إلا أعلامكم، ووجوهكم وعلماؤ كم وفقهاؤكم والله المستعان».

  قال حريث: قال أبي، وأراه ذكره عن أبيه: فلما سمعنا كلامه وخطبته بكينا حتي كادت أنفسنا أن تخرج.

  قال: فقمنا وتشاورنا، فقلنا: ويلكم، هل بقيَ لكم حجة أو علّة؟ لو قُتِلْتم عن آخركم