أخبار فخ وخبر يحيى بن عبدالله (ع) وأخيه إدريس بن عبدالله (ع)،

أحمد بن سهل الرازي (المتوفى: 310 هـ)

[مجلس يحيى (ع) مع الرشيد، وخبره مع الزبيري]

صفحة 99 - الجزء 1

  يوماً على عيسى بن أبي جعفر نسلّم عليه، وقد وُضِعَتْ له وسائد بعضها على بعض، وهو قائم مُتكي عليها يضحك من شيء في نفسه متعجباً، فقلنا له: ما الذي يضحك الأمير؟ أدام الله سروره.

  قال: لقد دخلني اليوم سروراً ما دخلني قط مثله.

  قلنا: حقق الله ذلك الأمر وزاد الأمير سروراً.

  فقال: والله لا أحدثكم إلا قائماً، فاتكأ على الفرش وهو قائم، ثم قال: كنت اليوم عند أمير المؤمنين، فدعا بيحيى بن عبدالله بن الحسن بن الحسن، فجيء به مكبلاً بالحديد، وعنده بكار بن مصعب، وكان الرشيد يميل إليه بسعايته إليه بآل أبي طالب.

  قال: فلما دخل يحيى، قال الرشيد: ها ها، هذا أيضاً يزعم أنا سممناه.

  فقال يحيى: ما معنى يزعم هذا؟ وأخرج لسانه مثل السليق.

  قال: فتربد وجه هارون واشتد غضبه، فقال له يحيى عند ذلك: يا أميرالمؤمنين إن لنا منك قرابة ورحماً، ولسنا بترك ولا ديلم، وإنا وأنتم أهل بيت واحد، فأذكرك الله بقرابتنا من رسول الله، علام تعذبني وتحبسني؟

  قال: فرقّ له هارون وهمّ بتخليته.

  قال: فأقبل الزبيري على الرشيد، وقال: يا أميرالمؤمنين، لا تسمع كلام هذا؛ فإنَّه شاق عاص؛ وإنما هذا مكْر منه وخُبث، إنَّ هذا وأخويه قد أفسدوا علينا مدينتنا وعملوا فيها الأعاجيب، وأظهروا فيها الخلاف والعصيان.

  فأقبل يحيى، فقال: أفسدنا عليكم مدينتكم، ومن أنتم عافاكم الله؟!، المدينة كانت مهاجرعبدالله بن الزبير أو مهاجر رسول الله؟ ومن أنت حتى تقول: أفسدوا علينا مدينتنا؟ وإنما آبائي وآباء هذا هاجروا إلى المدينة.