مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[حجة دامغة على تقدم القدرة للفعل]

صفحة 149 - الجزء 1

  فإن قلتم: إنما فَرَضَ الله علينا غضّ الأبصار، وحفظ الفروج، وكفّ الأيدي والألسنة، مع فعلنا لا قبله.

  قلنا لكم: فإذاً يلزمكم أن يقول القائل منكم: إن صيام شهر رمضان ليس مفروضاً على الخلق من عامٍ قابل، ولا يجوز أن يكون اعتقادكم أن رمضان المقبل عليكم فريضة، وأن الله ø يقول: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ}⁣[البقرة: ١٨٣].

  وكذلك يقول القائل منكم: ليس عليّ صلاة غَدٍ بفَريضة، وليس عليّ زكاة مالي من السنة المقبلة بفريضة، وليس الحجّ علينا بفريضة لازمة في وقتنا هذا، ولا جميع الفرائض، حتى يكون الوقت الذي نفعلها فيه.

  فيلزمكم أن فرائض الله ø التي افترضها على عباده وعلى لسان نبيه صلى الله عليه قبل فعلها، لا يقع اسم فرضها على الخلق إلا عند فعلهم لها، فتزول الفرائض المرسومة في القرءان، وهذا ما لا يقول به مسلم، لأن الفرض لازم واجب محتوم من قَبْل فعلهم له، يلزمهم الإقرار بذلك الفرض والاعتقادُ له أنه دين الله المفروض عليهم، الذي لا يزول فرضُه في ساعة من الساعات، ولا وقت من جميع الأوقات، إلا من علة تحدث من العلل التي تزول بها الفروض، ويقوم بها العذر، مثل المرض والحوادث الموجبة للعذر، إلا خصلتين بعد العدل والتوحيد، وإثبات الوعد والوعيد، والإقرار بالرسول والكتاب، فإنهما لا يزولان عن المسلمين في حالة من جميع الحالات كلها، ولا تسقطان عن عليل ولا غيره، ولا عذر فيها لأحد من المتعبدين اللازم لهم الفرض، وهي طاعة أئمة الهدى، ومودة ذوي القربي، فكل