مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[هل كان فرعون يستطيع قتل موسى]

صفحة 165 - الجزء 1

  فإن قلتم: إن كلا الفعلين حق، لزمكم أن قتل الكفار والظالمين باطل، ولا مخرج لكم من هذا، والإقدامُ عليه هو الكفر.

  وكذلك نقول لكم: خبرونا عن منع الله ø لفرعون عن قتل موسى # حتي رده إلى أمه كما وعدها، أليس في قولكم أن الله حال بين موسى وبين فرعون قسراً وجبراً، حتى لم يقدر فرعون على قتل موسي؟

  فإذا قلتم: نعم.

  قلنا لكم: وكذلك لم يحل بين يحيى بن زكريا وبين من قتله، وكذلك جميع من قُتل من الأنبياء $، فلا بد لكم من نعم، لأنهم قد صحّ قتلهم، وشاهد ذلك قوله ø: {وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ}⁣[البقرة: ٦١]، فنقول لكم: أليس في قولكم ودينكم أن الله ø خلق فعل فرعون وقدره، وقضاه وأراده، وهو الذي منع فرعون من قتل موسي جبراً وقسراً؟!

  فإذا قلتم: نعم.

  قلنا لكم: وكذلك خلق وأراد وقدّر وقضى قتل يحيي بن زكريا # على قاتليه؟!

  فإذا قلتم: نعم.

  قلنا لكم: فلا نجد التارك لموسى، ولا القاتل ليحيى @ غير الله - ø عما يقولون - لأنه يقول في كتابه: {وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ}⁣[البقرة: ٦١]، وقال في موضع آخر: {يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ ٥٧}⁣[الأنعام]. وزعمتم أن أفعَالَ العباد مخلوقة، فقد سقطت عنهم الحجة، لأنهم لا فعل لهم، وإلا فأوجدونا شيئا نستدلّ به ويصحّ عندنا بعد الاستطاعة المركّبة في العباد، والجوارح السالمة، والحديد الذي قتلوا به، فلا نعرف الله ø في الباب الذي