مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[هل كان فرعون يستطيع قتل موسى]

صفحة 168 - الجزء 1

  قال أبو الهذيل: فقد أعلمتنا يا حفص أن لا شيء أكثر من لا شيء بعشرين، فانقطع حفص الرد. فكذلك ينقطع عبد الله بن يزيد البغدادي.

  قال أحمد بن يحي ~: وإنما أخبر الله ø أم موسي صلى الله عليه برجوع موسى إليها، لما علم من اختبار فرعون، وأنه لا يقتله، وأنه لا تساعده امرأته في قتله، والآجال على ما قلنا غير محتومة، والشاهد على ذلك، قول الله ø يخبر عن نوح # وقوله لقومه: {اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ ٣ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى}⁣[نوح]، فنقول لك: أليس تري أنه أوجب لهم أن يبلغوا ذلك الأجل المسمى، ما لم يُقدموا على المعاصي التي توجب تعجيل العذاب من الله جل ثناؤه.

  ألاتري كيف قول: {إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ٤}⁣[نوح].

  ألا ترى أنه لم يكن هنالك تأخير إلا وثَمَّ تقديم. ألا تراه مسمَّي وقد هلكوا دونه، بإخبار الله ø في كتابه، وقد دعاهم نوح # إلى أن يطيعوا الله جل ثناؤه، فيؤخرهم إلى ذلك الأجل. ألا تراه مسمَّى لم يبلغوه. أَولا ترى أن نوحاً ~ لم يكن ليدعوهم ويُطمِعْهم بتأخير أجل الموت الذي سمَّاه الله ø، والله جل ثناؤه يقول: {وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا}⁣[المنافقون: ١١]، فالأجل الذي جعله الله ø للموت المسمى لا يطمع أحد فيه، وليس له رادّ.

  وقد قال الله ø في آية من كتابه، يدل فيها على من سلف، ويؤدب بها من خلف، وفيها حكمه على الأَولين والآخرين، وهي قوله ø: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ ٩ قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ