[كره الله انبعاثهم فثبطهم]
[كره الله انبعاثهم فثبَّطهم]
  ثم قال عبد الله بن يزيد البغدادي: ثم سلهم عن قول الله ø: {وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ}[التوبة: ٤٦]، أليس قد كره أن ينبعثوا معه، والانبعاث معه طاعة، والتخلُّف عنه كفر؟!
  فإن قالوا: بلى.
  فقل: أفليس الله قد كره أن يطيعوا، إذ علم أنهم لا يطيعونه؟!
  فإن قالوا: نعم.
  فقل: أليس كل من علم الله منه أنه لا يطيعه، فقد كره أن يكون منه غير ما علم؟!
  فإن قالوا: نعم، فقد أعطوك ما عابوا عليك من العدل، ودخلوا معك فيه.
  وإن قالوا: إن الله لم يكره انبعاثهم ولم يثبّطهم، تركوا القرآن. فسلهم عند ذلك: أليس قد أنزل الله هذا القرآن؟
  فإن قالوا: بلى.
  فقل: فما معنى ذلك، إذ يقول: {كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ}[التوبة: ٤٦]؟ فإنهم لن يأتوك بحجة. وإنهم عسى أن يقولون أخبرونا عن أول هذه الآيات، أليس قد قال ø: {وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ٤٢}[التوية]، إنهم يستطيعون أن يصنعوا غير ما علم الله، وما لا يعلم أنهم يصنعونه، ولكنه إنما عنى: حلفوا بالله ما لنا استطاعةُ مال، فشهد الله إنهم لكابون، لقد كانت لهم استطاعة مال، وتصديق ذلك قوله: {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى