مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[كسب الأشعرية]

صفحة 173 - الجزء 1

  وهل رأيت أحداً قط يقيّد عبده ثم يأمره بالحفر، أو يكلّفه الطيران في الهواء، أو المشي على وجه الماء، أوَيكون هذا من صفة حكيم، أو عدل رحيم؟!

[كسب الأشعرية]

  فإن قلت: إن أفعالهم خُلقُ الله ø، وإنهم اكتسبوا ذلك الخلق.

  قلنا لك: فإن الحجة عليك بعدُ قائمة، يلزمك أن اكتسابهم هو خلق الله أيضا، إذا كان الله خالق كل شيء على قولكم، فاكتسابهم أيضا هو خلقه الذي هو المعاصي.

  وإن قلتَ: إن لهم فعلاً ولله ø فعلٌ، كل واحد منهما غير الآخر.

  قلنا لك، فقد لزمك أنك قد رجعت عن قولك، وصرت إلى قولنا إن فعل الخالق غير فعل الخلق، وإن فعل العباد غير فعل المتعبِّد، ولذلك استحقوا بأفعالهم الثواب والعقاب.

  وإن قلت: بل فعلهم هو فعل الله، لزمك أن الله ø هو الفاعل لكل قبيح وفاحشة، عزَّ الله عن ذلك وتعالى! البريء من أفعال عباده، الطاهر من ظلمهم.

  وإن قلت: إنه فعل بعضها وفعلوا بعضها، لأن من قولكم أنه فِعلٌ من فاعِلَين، لزمكم أنه فعل بعض الفواحش والقبائح وفعلوا بعضها، فلا مخرج لك من أي هذا القول دون الكفر أو الرجوع إلى الحق، والقول بالعدل، الذي هو العدل والحق، لا جورك الذي وصفتَ وسميته: عدلا، ولا عجب أعجب من تسميتك وتكريرك كلا احتججت سميت الجبر: عدلا، تعالى الله عما قلت!