مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[كسب الأشعرية]

صفحة 177 - الجزء 1

  الأصنام إلى عبادته هو، وقد علم أن ذلك لا يكون منّا أبداً، لأنه إن كان منا إيمان أو توبة أو رجعة إلى الاسلام بطل علمه، فنحن نقول لك أيها المجبر الجاهل، المفتري على الله جل ثناؤه: هل مع نبيك هذا المصفطي والمنتجب للوحي، والمختومة به الرسل، حجة يقطع بها المشركين، ويورثها أمتّه من المسلمين، ليحتجوا بها على المدّعين إلى يوم الدين؟

  فإن قلت: نعم، معه حجة يقطع بها المشركين.

  قلنا لك: ما هي، هاتها وعرّفنا بها إن كنت من الصادقين؟

  فإن ادّعيتَ غير ما احتججت به علينا في العلم، سقطت حجتك في العلم التي اعتللت علينا بها، لأنه ~ إذا احتجّ به المشركون، لم يكن احتجاجه إلا با يقطع به حجة المشركين، وذلك الذي احتجّ به المشركون قولكم، وحجتكم التي احتججتم بها على أهل العدل في دعواكم، أنه من علم الله سبحانه منه أنه لا يؤمن أنه لا يكون منه غير ما علم الله، ولو كان منه الايمان لبطل ما علم الله ø منه أنه لا يؤمن، وهو قول المشركين الذي قلنا لك إنهم احتجوا به على رسول الله صلى الله عليه.

  وإن قلت: إنه ليس مع رسول الله ~ وعلى آله حجة غير ما ادّعيت أنت وإخوانك المجبرة، وقلتم به في العلم، لزمك أن الرسول # لم يحسن يحتج على المشركين، وأنهم قد فلجوه في حجته، ولم يقدر لهم على جواب غير ما قلتم، فيلزم النبي صلى الله عليه لهم أن إرساله عبث ولعب، إذ علم الله ø أنهم لا يؤمنون، ثم بعثه إليهم يطلب منهم ما لا يقدرون عليه، وهذا غاية الكفر والشرك، والعبث واللعب، وفساد الحكمة، وغاية الطعن على الله، ø عما قلتم، وعلا علوا كبيرا وكذب العادلون بالله، وضلوا ضلالا بعيدا!

  ولكنا نقول: إنه كما علم الله منهم أنهم لا يؤمنون، كذلك علم الله أنهم يقدرون على الإيمان، وعلى أن لا يعلم منهم الشرك، لأنه افترض عليهم الخروج من الشرك،