[هل الله عالم بما هو كائن من خلقه قبل أن يخلفهم]
  خردلة فما فوقها، لأن العلم لا يُدخلهم في معصية، ولا يخرجهم من طاعة، ولا يحملهم على محبوب ولا مكروه، ولا حق ولا باطل.
  وفي باب العلم جاء غلط مَن غلط من هذه الأمة، وهلاك من هلك، وإجبار من أجبر، وإلحاد من الحد في صفة الله ø، من هذه المجبرة الظالمة، الغاوية الغوية، فكفروا من حيث ظنوا أنهم آمنوا.
  وإنما كلفهم الله ø الخروج من ذنوبهم، واقترض ذلك عليهم فرضاً لازماً، جاءت به الرسل، ونزلت به الكتب، وجرت به السُّنن، وسفكت الأنبياء À عليه الدماء، وضربوا عليه الأعناق، وقتلوا وشرّدوا، ولم يكلف الله تبارك وتعالى أحداً من جميع الخلق الخروج من علمه، وليس ما افترض عليهم من الخروج من ذنوبهم هو الخروج من العلم، وإبطال المعاصي والخروج منها ليس إبطالا لعلم الله ø ولا بخارج منه، فقد احتجوا على الله تبارك وتعالى بالمحال، وأرادوا أن يدخلوا في العلم دخلاً، ليثبت لهم القول بالجبر، وأبي الله ø ذلك، لأن حجته الغالبة، وحقه القاهر، وكتابه الواضح.
  فإن زعموا أن الخروج من الكفر هو الخروج من العلم، لزمهم أن الله ø قد افترض على العباد الخروج من علمه، وإن كرهوا هذا القول وخافوا أن يقدموا عليه، لزمهم أن الله جل ثناؤه افترض على العباد الخروج من الكفر، ولم يفترض عليهم الخروج من العلم، وهذا هو الحق، وفيه قطعُهم، وهو قولنا.