[هل من أراد أن يكون في سلطانه غير ما يعلم إله؟]
[هل من أراد أن يكون في سلطانه غير ما يعلم إلهٌ؟]
  وأما قولك: أخبرني عمن أراد وأحب أن يكون في سلطانه غُير ما يعلم إله هو؟! فإن قلنا ذلك، لزمنا - زعمت - أنه يريد أن يكون جاهلاً لا يعلم، وأنا ننقطع - زعمت - هاهنا.
  الجواب قال أحمد بن يحيى ª: فإنا نقول لك: أليس من جهلك بالدين، وغلطك في العدل، أنك لم تعلم ما في القرآن، ولا تلاوة الفرقان، إذ كان في سلطان الله ø في خلقه من زعم أن له الأولاد والصواحب، والشركاء والأنداد، وهو عندنا نحن وفي قولنا: أنه لا يريد ذلك ولا يحبُّه، ولا يقضيه ولا يخلقه، ومن قولكم أنتم أيها المجبرة أنه أراد ذلك من المشركين، وأحبه وخلقه من فعلهم، فقد أكذبكم بقوله ø: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ١٨}[يونس]، فالله ø لا يعلم له شريكاً ولا ولدً، ولا صاحبة ولا ندًّا، وقد جعلها له المشركون وسموها أشياءً.
  وزعمتَ يا عبد الله بن يزيد البغدادي أنت ومن قال بقولك: أن الله ø خلق ذلك من فعلهم وقولهم، وقضاه عليهم، وأراده منهم وأحبه فيهم، وهذا قول الله ø يشهد أنه لا يعلم ما قالوا، وأنه كاره لقولهم، وأنه لم يُرِدْه ولم يقضه.
  فإن قلت غير ذلك، لزمك أنه أراد منهم، وخلق فيهم فعلاً وقوة لا يعلمه، فتوجب أن له إرادةٌ لا يعلمها وقد قال في كتابه: {قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ١٨}[يونس]. وكفى بهذه الحجة قاطعة لك، وناقضة لقولك. وقال ø: {وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ}[الأنعام: ١٠٠]