[كسب الأشعرية]
  الحجة، لأن كون المال موجودة عندهم قبل الفعل، وهو خروجهم مع النبي صلى الله عليه وعلى آله)، فافهم ما وقعت فيه.
  ثم أكّدته لنا على نفسك بقولك: وتصديق ذلك قوله ø: {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ}[التوبة: ٩٣] وقال: {اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ}[التوبة: ٨٦]، فأخبر أنهم حلفوا ما لهم طول، فشهد الله إنهم لكاذبون، وهذا هو الحق، وهو الدليل الأعظم على أن الاستطاعة قبل الفعل، وهو قولنا، وقد وافقتمونا واستشهدتم القرآن. وقد قبلنا هذا الموضع من قولكم، لأن من كان له مال فقد لزمه الخروج في سبيل الله مع صحة البدن، والخروج بعد ملك المال، فقد صح أن الاستطاعة قبل الفعل، ولذلك لزمهم ما قال الله ø فيهم: {وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ}[التوبة: ٤٦]، لما قد فسرناه من أول أمرهم إلى آخره، وفي هذا كفاية والحمد لله، ولولا خوف التطويل، لزدنا من الحجج غير هذا.
  وكذلك قوله: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ}[النساء: ٢٥]. والطول لا يكون إلا قبل النكاح، وإلا فبماذا ينكح إذا كان فقيراً، غير أني أظن أنك سهوت في احتجاجك بهذه الآية، لأنك احتججت بآية تشهد عليك ولا تشهد لك، وكل القرآن على ذلك يشهد للعدل ولأهله، ولا يشهد عليهم، والحمد لله رب العالمين.