مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[شبه حول {ألم نخلقكم من ماء مهين 20}]

صفحة 182 - الجزء 1

  الجواب قال أحمد بن يحيى ª: قد قال الله ø: {أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ ٢٠ فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ ٢١ إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ ٢٢}⁣[المرسلات]، فنحن نقول: صدق الله في قوله، وفلجَتْ حجته، إنه خلق الولد في البطن، وجعل له أجلاً غير محتوم ولا مجبور، ولا محظور على الخلق التعدي عليه، ولا على أمه إلا بالأمر والنهي، ولو كان بذلك محظوراً على الخلق حتى لا يجدون السبيل إليه، ولا إلى أمه من قتل، أو شق بطن، أو ذبح طفل، أو قتل كهل، لما قدر فرعون اللعين ولا غيره على شق بطون الحبالى، ولا قتل الأطفال، ولا إهلاك الرجال.

  فإن قلت: إن فرعون فعل ذلك بما خلق الله سبحانه مِن فعله، وقدّره مِن ظلمه وقضاه من سيرته، وأراده من كفره وعلوّه، فليس على فرعون حجة، ولا يجب عليه عذاب، لأنه مثل الباب - على قَوَد قولكم - الذي متى شاء صاحبه فتحه، ومني شاء أغلقه، وإذا احتج فرعون بين يدي الله ø يوم القيامة إذ قال: يا فرعون لِمَ قتلت الأطفال، وشققت بطون الحبالي؟

  فقال فرعون: فعلتُ ذلك يا رب بما قضيت عليّ وقدّرت من معصيتي، وجعلت من فعلي، فنقول لمجبرة عند ذلك: خبرونا هل صدق فرعون أم كذب في حجته هذه إذا احتج بها يوم القيامة؟

  فإن قلتم: كذب، رجعتم عن قولكم، وصرتم إلى قولنا بالعدل.

  وإن قلتم: صدق فرعون أن الله قضى عليه قتل الأطفال، وشق بطون الحبالي.

  قلنا لكم: فما جزاء من صدق بين يدي الله ø في ذلك اليوم، أليس قد قال الله ø ضامناً لمن صدق: {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ