مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[هل من أراد أن يكون في سلطانه غير ما يعلم إله؟]

صفحة 64 - الجزء 1

  فنقول لك: أخبرنا عن قوله ø: {بِغَيْرِ عِلْمٍ}، أتقر بما قال الله سبحانه أنهم قالوا هذا القول فيه بغير علم؟!

  فإن قلت: نعم، سألناك عن ذلك العلم الذي عنى الله ø، أهو الأمر الذي خلقه من فعل العباد، وقضاه عليهم، وأراده منهم؟!

  فإن قلت: نعم، وجب عليك أن الله ø قد أبطله، فإنه غير علم.

  وإن قلت: إنه علم، رددت على الله ø قوله إنه غير علم، وأبطلت كتابه وكذّبته، فاختر أي ذلك شئت!

  ثم نقول لك: هل أحب الله من المشركين أن يقولوا إن له ولداً وصاحبة وشركاء، وإنه ثالث ثلاثة؟!

  فإن قلت: نعم، قد أحب الله ذلك وأراده.

  قلنا لك: فهل هو فساد أم صلاح؟!

  فإن قلت: إنه صلاح، لزمك أن الفراء على الله سبحانه، وإضافة الصواحب والأولاد والشركاء إليه صلاح، ومن قال هذا فهو مشرك.

  وإن قلت: إن ذلك فساد، فذلك هو الحق، ولزمك أن الله جل ثناؤه قال في كتابه: {لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ٢٠٥}⁣[البقرة].

  وزعمت أنت وأصحابك أنه يحب الفساد، وفي هذا قطع حجتك، وتكذيب قولك، وإبطال دعوك.

  وإن قلت: إنه خلق ذلك من فعل المشركين، ولم يجُيِبه ولم يِرده ولم يرضه.

  قلنا لك: كيف يجوز في العقل، أو يثبت في الحكمة، أو يخرج في العدل أن يخلق الخالق ø خلقاً لا يريده ولا يرضاه ولا يحبّه؟! هذا ما لا يجوز، ولا تقبله العقول، لأن الفاعل لذلك عابث، والعبث عن الحكيم منفيّ.