مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[شبهة لو شاء الله لآمن الناس كلهم]

صفحة 189 - الجزء 1

  فقلت: ما منعه أن يفعل ذلك؟

  وقد أعلمناك كيف عاب الله ø أن تسأله ما منعه، ولِمَ فعل؟ و لِمَ لم يفعل؟

  وأعلمناك ما يدخل عليك في سؤالك لله ø من الفساد والمخالفة للآية. ولسنا نقول: بلى، ولا نجهل عدل الله ø كما جهلتَه، وإنما أنت تحتج علينا ثم تجيب نفسك عنا بالخطا، ولا تدري ما نورده عليك من البرهان القاطع لك، بحول الله وقوته ونصره، فاسمع إلى ما قلنا، وأنصف عقلك.

  واعلم أن الله - ø عما قلت - لو جعل سقف الفضة والمعارج والسرر حتى يؤمنوا - كما زعمت - كلهم، لأوجب ذلك عليهم أنهم لم يدخلوا في الإسلام إلا بالجُعل والرشوة والعطية، من عَرض الدنيا الفانية، فيسقط أجرهم، ويزول حمدهم وشكرهم، ولم يجب الثناء من الله ø عليهم. ولم يقل {وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ}⁣[البقرة: ١٧٧]، وقوله: {يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ}⁣[البقرة: ٢٧٣]، وقوله: {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا}⁣[البقرة: ٢٧٣]، ويقول: {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ١٧}⁣[السجدة: ١٧، الأحقاف: ١٩، الواقعة: ٢٤] ولكان مثلُهم - على قَوُد قولك - مثلَ اجناد السلاطين، الذين يقاتلون معهم بالأجرة، فلم يجب لهم عليهم منّة، إذ أخذوا منهم الأجرة والعطاء.