[شبهة لو شاء الله لآمن الناس كلهم]
  يكذِّب قولك، ويبطل حجتك، أنه أراد أن يكون بعضهم مؤمنين، وبعضهم كافرين، وقوله: {إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا}، (يدل ويشهد على بطلان دعواك الكاذبة، لأن الرسول إليهم جميعاً)، يدعوهم إلى الهدى والطاعة، يدل ويشهد أن الله ø أراد منهم جميعا الإيمان والطاعة، ولم يرد منهم الكفر والمعصية، ولم يقل: إني رسول الله إلى بعضكم دون بعض.
  وقوله: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ}[سبأ: ٢٨]، والكافة في لغة العرب: هو الجميع الذي لا يبقى منهم أحد، لا ذكر ولا أنثى. فهذا يوجب عليك أنه أرسله إلى جميع أهل الأرض ليؤمنوا كلهم، وبطل قولك: إنه أراد أن يكفر بعضهم وأن يؤمن بعضهم، لا بد لك من ذلك، إلا بجحود هذه الآيات، ومخالفتك جميع الأمة على إجماعهم أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله قد دعا الناس كلهم إلى طاعة الله، ولم يكتف ببعضهم دون بعض، إلا أن تقول: إنه لم يبلغ. فإن قلت: إنه لم يبلّغ، كفرت وعذرت بعض الناس، ولم تعذر رسول الله ÷.
  واعلم أنه لا يجوز على الله ø أن يقول لرسوله صلى الله عليه: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا}[الأعراف: ١٥٨]، ثم يكون ذلك القول خديعةً وطنزاً واستهزاءً، وأمرا على غير حقيقة، بعد قوله: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا ٨٧}[النساء]. فلا يجوز هذا، وهو لا يريد أن يؤمنوا كلهم، فأظهر لهم - زَعمت