مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[شبهة لو شاء الله لآمن الناس كلهم]

صفحة 192 - الجزء 1

  - قولاً في الظاهر، ثم دسَ محمداً صلى الله عليه إلى بعضهم حتى آمنوا كما اراد، وكفر الآخرون كما أراد، وهذه صفة المخادع والمماكر، والذي لا يقول ما لا يفعل، وقد عاب الله ø مثل ذلك على عباده، فقال: {لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ ٢ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ٣}⁣[الصف]، فكيف يدخل ø فيما عاب؟

  ثم يقول لنبيه صلى الله عليه: {بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ}⁣[المائدة: ٦٧]، ويقول لموسى وهارون صلى الله عليهما حيث أرسلهما إلى فرعون الملعون: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ٤٤}⁣[طه]، يأمرهما كما تسمع بالرفق به، والحرص على إيمانه وخشيته وتذكيره.

  وزعم عبد الله بن يزيد البغدادي ومن قال بقوله من إخوانه المجبرة أن هذا القول - على قَوَد قولهم - كان على المخادعة وغير الصحة، ولم يكن على الحقيقة، ولم يكن من الله ø على ثقة من القول ولا عدل، وإنما كان على طريق الطنز والاستهزاء، والأمر الذي لا يريد أن يكون له حقيقة، لأنه أرسلهما @ إليه بهذا القول، وقد علم أنه لا يقدر على إجابتهما ولا اتباعها - زعمتم - فأرسلهما في العبث واللعب، وتَرْك الحكمة والعدل، بغير إيجاب حجة، ولا إبلاغ في عذر، ولا على أن يعذّب بعد استحقاق، وكمال حجة، وإرسال نبين اثنين بالقول اللين والرفق، والفَعال الحسن الجميل، والدعاء إلى الخروج من الكفر، فخلّده في العذاب المقيم - زعمتم - على غير جرم، ولا حجة لزمته على قول المجبرة.

  فإن قال قائل منهم: إنا نشنع عليهم ونقول عليهم خلاف ما قالوا.