[شبهة لو شاء الله لآمن الناس كلهم]
  قلنا له: أليس هذا كتاب عبد الله بن يزيد البغدادي أقرب الحجج الذي كتابنا هذا جوابه، يقول فيه: إن الله ø أراد من الخلق أن يكون بعضهم كفاراً وبعضهم مؤمنين، وكرر ذلك في كتابه مراراً، واحتج علينا به. فإن الذي حال بين الكفار وبين الايمان علمُ الله - زعم – لأنه لم يُرِدْ أن يكون منهم خلاف ما علم، مع قوله: إن الله ø خلق أفعالهم وأرادها، وقدّرها وقضاها عليهم، فالويل له ولمن قال بقوله!
  اما جوابه لمن سأله فقال: أخبرنا عن قول الله جل ثناؤه لنبيه صلى الله عليه: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ}[الأنفال: ٣٩]، هل تقرّ أن هذه الآية في القرآن؟
  فإن قال: لا، كفر.
  وإن قال: نعم.
  قلنا له: في معنى هذه الآية؟ فهي قائمة بنفسها، شاهدة لنا على من خالفنا بأن الله ø أراد أن يكون الدين كله له إرادة أمر، لا إرادة جبر وقسر، بل أراد أن يكون ذلك طوعاً من أنفسهم، لأنه لو اراد القهر والجبر لم يُغلَب، ولم يكن في الأرض إلا ما أراد ولا في السماء.
  وإذا كان الدين كله لله ø لم يبق في الأرض كافر واحد، وفي ذلك بطلان قولكم: إن الله ø أراد الكفر من الكافرين، ويلزمك أيضاً في دعواك أنه أراد الكفر من الكفار، زعمتَ أن الله ø أمر نبيه صلى الله عليه بقتال الناس حتى يزول ما علم، وكذلك يزول ما اراد من الكفر.