مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[شبهة في قوله: {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر}]

صفحة 197 - الجزء 1

[شبهة في قوله: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}]

  ثم قال عبد الله بن يزيد البغدادي: ثم سلهم عن قول الله ø: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}⁣[الكهف: ٢٩]، أتخيير ذلك أم وعيد من الله؟!

  فإن قالوا: تخيير.

  فقل: هل سمعتم الله خيّر قوماً قط ثم عنَّفهم أن يأخذوا ببعض ما خيّرهم؟ أليس إنما يقع التخيير في كلام العرب أن المخيّر ليس بمذنب إذا اختار، وذلك في كتاب الله قوله: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ}⁣[الأحزاب: ٥١]، فهو إن أرجي أو آوي، فلا ذنب عليه ولا تباعة. وقوله: {فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ٣٩}⁣[ص]، فهو إن مَنّ أو أمسك فليس مذنباً ولا حساب عليه، فهكذا خيّرهم الله؟

  فإن قالوا: نعم، فَهُم إن أخذوا بالشرك بالله فلا ذنب عليهم ولا تباعة، لأنهم إنما اختاروا ما جعل الله لهم فيه الخيار.

  وإن قالوا: ذلك وعيد من الله لهم، كقولك: افعل، أما والله لئن فعلتَ لتعلمن، وكقول الله سبحانه: {قُلِ اسْتَهْزِئُوا}⁣[التوبة: ٦٤]، فقد قالوا فيه بالعدل، وذلك ما عابوا عليك قد أعطوكَهُ.

  الجواب قال أحمد بن يحي ª: أما سؤالك عن قول الله ø: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}⁣[الكهف: ٢٩]، ثم بلغت إلى هاهنا،