مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[شبهة في قوله: {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر}]

صفحة 199 - الجزء 1

  شرطاً ولم يشرط عليه شيئًا، لم يكن عليه ذنب فيما اختار ولا تبعة، ولا لوم ولا تعنيف، وإنما يقع اللوم والتعنيف والمطالبة على من عصى الله ø من جميع العصاة، لأجل الشرط الذي شرط عليهم، والفرائض التي افترضها ø ووضَّفها، وأوجب لهم على أدائها الجنة، وعلى تركها النار، بالحكمة والموعظة الحسنة، وطرح الجبر والقهر والقسر، ومعرفة كلٍ بما يأتي منها وما يذر، مما يُصلحه او يُهلكه، والإقرار بالعلم.

  ومما يعرف في تصديق حجتنا في التخيير في لغة العرب التي ادعيت لجهلك باللغة، قول الشاعر يخبر قوماً في الحرب، أو الكف عن الحرب، فقال:

  فأطلقنا أُساراهُم فراحوا ... وكانوا في المنازل مُكرمينا

  وقلنا ثم وعزنا إليهم ... إذا أنتم بلغتم سالمينا

  فإن شئتم فزورونا نزُركم ... وإن شتم فقرُوا راغمينا

  فجعل الخيرة إليهم إن شاؤوا رجعوا إلى الحرب والقتل والأسر، وإن شاؤوا قروا في مواضعهم راغمين، وهذا تخيير بلا شرط، فهذا الصحيح في لغة العرب أنه تخيير لا شرط فيه.

  وأما التخيير بعد الشرط المؤكد فهو قول الشاعر:

  أقولُ لقيس بعد ماقد دللتُه ... على خُطَّة الرشد التي لا تُعنَّفُ

  إذا شئت أن تمضي على ما ... فعلتَ وإلا فالظلوم الموقف