[شبهة في قوله: {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر}]
  غضبا، وسماواته أن تنفطر إنكارا، أن دعوا له ولداً، قدّر عليهم تلك الدعوى، وأرادها من فعلهم، وخلقها في ألسنتهم، وقضاها عليهم، ثم قال بعد ما خلقها في ألسنتهم - زعمت المجبرة - وقضاها عليهم، وقدّرها وأرادها: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ٧٣ أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ٧٤}[المائدة]!
  فنقول لك: أخبرنا عن قوله ø: {أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ}، ما معنى هذه الآية؟
  فلا تجد بدا أن تقول: إن الله ø ندبهم إلى التوبة والاستغفار، وعاب عليهم التقصير في ذلك.
  وإن لم تقل هذا، كفرت بالقرآن.
  فإذا قلت ذلك، قلنا لك: أفليس قد علم أنهم لا يفعلون؟
  فإن قلت: بلى، قد علم أنهم لا يفعلون.
  قلنا لك: فما معنى قوله ø: {أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ٧٤}؟ ثم قال هذا القول وقد علم أنهم لا يتوبون!
  فإن قلت: إنه قول ليس له معني!
  لزمك أن الله ø يقول قولاً ليس له معني، فصار قوله من العبث والنقص إلى مثل قول أهل العبث والنقص، ولزمك الكفر بهذا القول.
  وإن قلت: إن له معني.
  قلنا لك: فما ذلك المعنى الذي لامهم على ترك التوبة فيه، وحضّهم على التوية والاستغفار من قولهم: بأنه ثالث ثلاثة، وأخبرهم أنه غفور رحيم إن تابوا؟