[شبهة في قوله: {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر}]
  فلا تجد حجة من جميع الحجج تلجا إليها، إلا أن تقر أنه ندبهم إلى التوبة والاستغفار، وأنه يغفر لهم ذلك إن رجعوا عنه وتابوا واستغفروا، وهذا هو الحق وهو قولنا.
  ولزمك أنك قد رجعت عن مذهبك، وأن علم الله ø بكفرهم ليس لهم فيه حجة على الله ø، ولا عذر من التوبة، وأنهم يقدرون على التوبة حتى لا يعلم الله ø منهم شركاً ولا كفرا، ولا قولاً إنه ثالث ثلاثة، لأن علم الله ø هو المحيط بكل شيء، فيما فعلوه من كفر أو إيان، فالله ø يعلمه وفيهم الاستطاعة إلى فعل ما أرادوا، لو أرادوا لم يعلم الله منهم الكفر.
  وشاهد ذلك القوي الواضح، قوله ø: {أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ٧٤}، يوجب ø على نفسه - كما تسمع - أنهم إن رجعوا عن قولهم إنه ثالث ثلاثة أنه يغفر ذلك لهم.
  ألا تراه كيف يحضّهم على التوبة والاستغفار، ولم يذكر لهم ما علم، لأن علمه ليس بانع لهم عن التوبة، ولو كان قوله: {أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ٧٤} - على قَوَد قولكم أنه قد علم أنهم لا يؤمنون، فعلمه بذلك هو الذي حال بينهم وبين التوبة - لوجب أنه مستهزئ بهم، وأنه يقول من الشرط المؤكد ما ليس له حقيقة ولا تمام. وهذا أقبح ما يكون من الكفر بالله ø، وأعظم الفرية عليه، وأشدّ التكذيب لكتابه، ø عن ذلك، وتعالى علوا كبيرا!
  ثم قال سبحانه: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا ١