مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[شبهة في قوله: {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر}]

صفحة 203 - الجزء 1

  قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا ٢ مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا ٣ وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا ٤ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا ٥}⁣[الكهف]، فاسمع إلى هذا الموعظ من سورة الكهف ما فيه عليك من الحجج القواطع في جميع ما افتريت على الله ø.

  أما واحدة فردّ عليك في قولك: جعل بعض الناس مؤمنين، وبعضهم كافرين. أفلا تسمع إلى قوله ø: {وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ}، فنسب عمل الصالحات إليهم، وبذلك وجب لهم الأجر الماكثون فيه أبداً، غير مجبورين ولا مقسورين، ولا مخلوقة أفعالهم.

  ثم وصف الكتاب الذي أنزل فقال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا ١ قَيِّمًا}، والذي ليس فيه عوجَ يوجب أنه لا ظلم فيه ولا جور، ولا جبر على طاعة ولا معصية، ولا خلقَ فعلِ متعبد من الناس، إذاً لَلَزِمَه أشد العوج والتخليط إذا عاقب على فعله، وغضب من إرادته، وانهدّت سماواته وأرضه وجباله، وأمر من الأمر بما يعلم أن أحداً لا يقدر عليه، فأي عوج أوضح من هذا العوج، وأي جور أبين من هذا الجور، وأي ظلم أشد من هذا الظلم؟!

  ثم قال: {قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ}، والقيم هو: الذي لا عيب فيه ولا ظلم، ولا تباعة لمعتلّ فيه اعتل بحجة واحدة، ولو كان في كتاب الله ø