[شبهة في قوله: {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر}]
  وأما ما قال عبد الله بن يزيد البغدادي، ومن قال بقوله من المجبرة: من أن الله ø خلق أفعال العباد وقدّرها، وقضاها وأرادها، وأنه علم أن الكفار لا يؤمنون، فلم يرد منهم غير ما علم – زعموا - فإن ذلك القول كله الذي ادّعته المجبرة يوجب للكفار على الله ø أعظم الحجة، بأنه عذّبهم في أمر حَاَل بينهم وبينه، وقضاه وقدره وأراده منهم، فما يكون العدوان إن لم يكن هذا عدوانا؟ وما الفرق بين الحق والباطل؟ وأين موضع كفر الكافرين؟! ميّزوه لنا حتى يتميز من فعل رب العالمين، فإن ميزتموه قامت على الكفار الحجة، ووجب العذاب. وإن لم تميزوه ولم تفردوه من فعل الله ø، فحجة الكفار قائمة واضحة على الله جل ثناؤه، وتعالى عما قلتم علوا كبيرا!
  ألا ترى كيف قال لهم: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ٤٢ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ٤٣ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ ٤٤ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ ٤٥ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ ٤٦ حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ ٤٧}[المدثر]، ثم قال في موضع آخر: {فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ ١١}[الملك]، ولم يقل أهل النار على الله ø بعد أن صاروا إليها كما قالت المجبرة، إن الله قدّر فعلنا، ولا قضاه علينا، ولا جبرنا ولا خلق أفعالنا.
  وأما قولك في أزواج النبي صلى الله عليه، وما خيّره الله جل ثناؤه من إرجاء من شاء منهن، وإيواء من شاء، فذلك تخيير صحيح، أي الفعلين فعله النبي ~ وعلى آله لم يكن عليه فيه ذنب ولا تباعة، لأنه تخيبر بلا شرط قبله،