[شبهة في قوله: {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر}]
  وتخيير الناس في الدين الذي اعتللتَ به، إنما هو بعد إحكام الشرط، وبعد الوعيد الذي أخبرهم الله ø أنهم إن لم يأتوا بالفرائض على وجهها أن ذلك الوعيد لازم لهم. ثم قال لهم: إن شئتم الآن فآمنوا، وإن شئتم فاكفروا، فقد تقدمت بما فيه الكفاية.
  وشاهد ذلك، قوله ø لهم يوم القيامة: {لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ ٢٨ مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ٢٩}[ق]، وقوله: {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا}[الكهف: ٢٩]، وقوله: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ٦٠ وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ٦١}[يس].
  فنقول لك: ما تقول في هذه الآيات، هل صدق الله جل ثناؤه فيها، أنه قد تقدم إليهم بالوعيد، وأنه غير جابر لهم على ظلم؟!
  فإن قلت: نعم، قد صدق.
  قلنا لك: فأين قولك في هذه المسألة إنا قد قلنا معك بالجبر الذي سميته: عدلا وإنا قد أعطيناك ما عبنا عليك – زعمت.
  وأما قوله ø الذي اعتللت به: {هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ٣٩}[ص]، فهو تخيير في نعمة أنعمها عليه بلا شرط في ذلك التخيير، وهو قوله: {يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ}[البقرة: ١٠٥، آل عمران: ٧٤]، وليس هذا