[شبهة حول قوله، {وجعلنا قلوبهم قاسية}]
  الجواب قال احمد بن يحيى ª: وسألت عن قول الله ø: {وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً}[المائدة: ١٣]؟ ونسبت العدل في ذلك، ووقع عندك في اعتقادك، أن الله تبارك وتعالى العدل الذي لا يجور، ولا يُقسي قلوب العباد عن طاعته، ولا الدخول في دينه، [قد أقسى قلوبهم]، لو كان ذلك فعلَه ø، لما افترض عليهم الاسلام، ولا الاقتداء بمحمد عليه أفضل السلام، ولا جاز في عدله ولا حكمته، ولا في الجور والظلم عن نفسه، أن يقول: {فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ}[الزمر: ٢٢]، وهو الذي أقساها، وحال بينها وبين الطاعة بتلك القساوة الحائلة بينهم وبين الهدى، ولو أنه ø الذي أقساها لم يكن لإرساله لنبيه صلى الله عليه معنى في مجيئه إليهم، ليثبت عليهم الحجة، فيقول لهم: {فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ}[آل عمران: ٣١]، فقد أرسلني الله ø إليكم، لأن تَدَعوا قساوة القلوب، وترجعوا إلى الإيمان بالله، والإقرار بأني رسول الله!
  وإنما المعنى في قوله: {وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً}، فإنما ذلك بما حكاه الله عنهم في أول الآية فقال: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ}[المائدة: ١٣]، فبهذه الوجوه الثلاثة حكم على قلوبهم بالقساوة، وسمّاهم: قُساة القلوب بفعلهم، لا أنه أقسى قلوبهم، وإنما نقضوا عهدهم وكفروا بآيات ربهم، وحرّفوا القول عن مواضعه، ولا يزال الرسول صلى الله عليه يطَّلِع على خائنة منهم، فهذا الذي به قامت عليهم الحجة، ولم تقم على الله جل ثناؤه لهم حجة.
  وإنها سمّاهم ø: قساة القلوب تسمية، لا أنه جبرها على القساوة جبراً، فالذي أراد من ذلك ø من الجعل الذي غلطتم فيه جعلُ الحكم والتسمية، لا