[شبهة حول قوله، {وجعلنا قلوبهم قاسية}]
  حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}[آل عمران: ٩٧]، ولم يقل ø إنه خلق واحداً من هذه الأشياء التي افترضها وأمر بها.
  وقوله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}[النساء: ٥٨]، ولم يقل: خلق تأديتكم للأمانات، وإنه ø أرسل رسله بالدعاء إلى الإيمان، فسارع إليه المؤمنون غير مكرَهين ولا مجبورين، وكذلك نهي عن الشرك والكفر وجميع المعاصي، فاستعصم عليها المشركون والكافرون وجميع العاصين، غير مكرَهين ولا مجبورين.
  وتصديق ذلك وشاهده قوله ø لنبيه صلى الله عليه وعلى آله: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ}[هود: ١١٢]، ولم يقل: كما خلقتُ فعلكم وجبرتكم ولم أرد إيمانكم، وقوله ø للظالمين: {فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ}[الأعراف: ١٦٦]، ولم يقل: عما خلقت فيهم وأردت منهم. ولو خلقه فيهم وأراده منهم لم يجُز في الحكمة ولا في العدل أن يقول: {فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ}.
  وكيف يعتو من فَعَلَ عتوَّه غيرهُ، في أي لغة وجدتم هذا؟ أم في أي نحو؟ أم في أي قرآن؟ أم في أي شعر قالته العرب؟ أم في أي خبر عن رسول الله ~؟ أم في أي حرية أو مروة؟ أم في أي سيرة؟ أم في أي سنة؟ أم في أي عقل، أو جميلِ أدب؟! إلا في سيرة سَدُومَ وسنته وأدبه وأحكامه، التي هي سخري للصبيان، ويتحدث الناس بها في المجالس تعجيباً من جور سدوم، وقبح حكمه، وسخافة عقله.