مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[تكليف ما لا يطاق]

صفحة 238 - الجزء 1

  ما لا طاقة لهم به في غير ظلم - زعمتَ - من الله لهم، وانّا إن أقررنا بذلك فإنه عندك العدل، فقد لزمنا وأقررنا به - زعمت - فعند ذلك نقول لك على قَوَد قولكم: ما تقول فيمن ادّعى أن الله ø كلف قوماً أن يقلعوا النجوم من السماء، فلما لم يقدروا على ذلك عذّبهم بخلود الأبد في النار الكبرى، وهو غير ظالم لهم؟ فما تقول يكون ردك على السائل في هذا الباب؟

  فإن قلت له: إن هذا عدل غير جور.

  قال لك: أفليس قد وصف الله نفسَه بالعدل، ونفى عنه الجور، وجعل في عقولنا معرفة العدل والجور، ومعرفة الحق والباطل، والحَسن والقبيح، حتى لا يسقط علينا منه صغير ولا كبير، وهذا كله ما لا يجوز فساده أبداً، ولا قلبه عن وجوهه ولا عن معانيه، التي جعلها الله ø في عقول بني آدم أبداً؟ لو جاز ذلك لبطل الحق، ولم يفرق بينه وبين الباطل.

  فإن أنت لم تقرّ لنا بهذا القول!

  قلنا لك: فما حجتك على من قال لك: إنك بقرة وأنت تظن أنك رجل؟ وما يُدريك لعلّ الدين والحق عند الله ø غير الدين الذي أنت عليه، وما يدريك لعل السماء في الأرض والأرض هي السماء؟!

  هذا يلزمك إذا أبيت إلا التجاهل والخروج من المعقول، والصحيح الذي لا فساد فيه من التعارف، الذي أوجب الله ø به الحجة.

  ثم صرت أنت إلى إبطال المعقول والتعارف، لقولك: إن الله ø عذّب