[تكليف ما لا يطاق]
  قوما على ما أراده منهم وقضاه عليهم، وهو غير ظالم لهم.
  وكذلك زعمت أنه خلق الزنا والسرقة على غير معني، ولا أمر يُنسب إليه به، أنه فعل الزنا والسرقة، وهذا الخروج من المعقول، وليس من قال بمثل هذا القول يخاطبه الرجال، إذ أبي إلا التجاهل والخروج من الحق! وقد عاب الله ø الظلم، ونهي عن المتظالم، وقال: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ٤٤}[البقرة]. فكيف يجوز على الحكيم الأكبر، والإله الأعظم أن يدخل فيما عاب، أو يصير إلى ما عنه نهي، وقد حكى عن نبيه صلى الله عليه حيث يقول لقومه: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ}[هود: ٨٨]!
  وبعد هذا فنحن نحبُّ أن تعرّفونا الفرق بين تحميله للمؤمنين ما لا طاقة لهم به في غير ظلم - زعمتم - وبين العدل والجور حتى نعرفه كا عرفتموه؟ وأين موضع العدل في الباب الذي هو ظلم عند أهل العقول والمعرفة، وليس هو عندكم بظلم؟!
  فلا تجدون فرقاً في ذلك أبداً، لأن هذا العدل الذي زعمتم أنه عدل وليس بظلم، لا يقبله منكم إلا جاهل مثلكم، لأنه لا يجوز في المعقول ولا في التعارف أن يقول رجل لجماعة من الناس: عندي لكم رجل أعمي خسيف، يبصر النجوم مع نصف النهار، ويُدخل الخيط في الإبرة مع نصف الليل في الليلة الظلماء، لأن هذا من القول ما لا تقبله العقول، ولا يجوز عند ذوي الألباب، لأنه محال، ولا يجوز مثله