[تكليف ما لا يطاق]
  وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ ١٩٣ رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ ١٩٤}[آل عمران].
  فنقول لك: ألا تسمع إلى قوله سبحانه يحكي عنهم أنهم قالوا: {رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ ١٩٤}، وإنه صادق فيها وعدهم على رسله، لا شك عندهم في ذلك، وأنه لا يخزي المؤمنين يوم القيامة، لأنه قال: {وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ ٨٩}[النمل]، وقد سمعوه يقول: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ ١٠١ لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ ١٠٢}[الأنبياء]، وقوله: {يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا}[التحريم: ٨].
  أفلا ترى بعدما وثقوا بهذه الآيات التي ذكرنا، أنهم سألوه إتمام النور والمغفرة بعد اليقين، أنه لا عقاب عليهم، فكل هذا شاهد لنا في دعاء المؤمنين بأنه ø فرض عليهم الدعاء، فدعوا وهم واثقون أن الله ø لا يخلف الميعاد، ولا يخزي المؤمنين يوم القيامة، وهو الذي يقول ø: {يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ}، وهذا كله مثل ما اعتللت به من دعاء المؤمنين {رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ}[البقرة: ٢٨٦]، يعنون: النار.
  فأما أن يكون المؤمنون جهلوا العدل واعتقدوا الجبر، كما جهلته، واعتقدت أن الله يُحمّل العباد ما لا طاقة لهم به، وهو عندك أن يعلم منهم أنهم لا يؤمنون، ثم يأمرهم بالايمان ويفرضه عليهم، وهو لا يريد - زعمت - أن يؤمنوا، فيفسد علمه