زعمتَ، لأنك أقمت العلم مقام الشيء المانع الحائل بينهم وبين الدخول في الأيمان، وهذا أعظمُ كفرٍ قاله ملحد، وقد مضى في صدر كتابه هذا من الحجج عليك في العلم، ما لا مخرج لك منه، ولا حجة لك تدفعه، ولا طاقة تفسده، ولا عذر لك من التوبة أنت وأصحابك من الفرية على الله ø بعد ساعه، وفيه الكفاية الكافية الشافية، والحمد لله رب العالمين.

  ألا تسمع إلى قوله ø: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ ٢٧ وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ٢٨ هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ٢٩ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ ٣٠ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ ٣١ وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ ٣٢ وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ٣٣ وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ٣٤ ذَلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ ٣٥ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ٣٦ وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ٣٧}⁣[الجاثية].

  فنقول لك: فوالله لو لم يُنزل الله جل ثناؤه على نبيه صلى الله عليه في باب العدل والبراءة له من خلق أفعال العباد والقضاء بالفساد، غير هذه الآيات وحدها، لكان فيها من الكفاية والشفاء والدلالة على العدل وإسقاط الجبر، وأنه لم يحمِّلهم فوق الطاقة، ولم يرد منهم الكفر، ولم يُحبِبْه من فعلهم، ولم يحل بينهم بعلمه وبين النجاة.

  فإن علمه بكفرهم لم يحل بينهم وبين ترك ما علم من اختيارهم، وأنه يعلم أنهم